Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

بين الاعتراف واللا اعتراف.. طالبان أصبحت واقعًا قائمًا على الأرض!

A A
كما شاهدنا، وقرأنا، بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، احتفلت حركة (طالبان) بخروج القوات الأمريكية ونظم المسلحون عرضًا عسكريًا في مدينة (قندهار) بالمركبات الأمريكية، ووضعوا عليها رايات طالبان، معتبرين هزيمة (واشنطن) درسًا كبيرًا للغزاة.. والأمريكيون ومعهم الحلفاء لازالوا تحت وطأة الصدمة ومرارة الهزيمة، وظهر وزير الخارجية الأمريكي (بلنكن) على شاشة تلفزيون (إس بي سي) بوجه شاحب تعتصره المرارة قائلا: (مضى على وجودنا في أفغانستان 20 عامًا، فقدنا 2300 جندي أمريكي، وبعد أن نجحنا في مهمتنا وجد الرئيس بايدن أنه ليس من المصلحة أن نبقى، وأنه قد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب) فأي انتصار يتحدث عنه الوزير؟!.. ولم يكن حال المتحدث باسم وزارة الدفاع (جون كيري) بأفضل من وزير خارجيته، حيث قال: (يمكن أن نمول، يمكن أن ندرب، نقدم مشورة، نساعد، ولكن لا يمكننا أن نشتري قوة الشخصية، ولا أن نكتسب القيادة، فالقيادة كانت مفقودة).. بينما يعترف وزير الدفاع البريطاني (واليس) بأن عودة طالبان للحكم تعني فشل المجتمع الدولي، لكن وصف المستشارة الألمانية (ميركل) للانسحاب الأمريكي بأنه أشبه بتأثير (الدومينو) هو الأقرب لما حدث في أفغانستان.

ويبدو أن الأمور قد هدأت بعد أن أيقن الجميع بأن السلطة باتت في يد حركة طالبان بعد أن شكلت حكومتها الجديدة وكذلك إعلان سياستها في الداخل والخارج، وعليه فإن بعض الدول لم تخف عزمها على إقامة علاقات معها، فالصين الجارة لها أبدت استعدادها لإقامة علاقات ودية معها، وكذلك روسيا التي التقى سفيرها في (كابول) بقادة الحركة، ومن جهته فإن الرئيس الألماني (فرانك شتاينمار) قال إن وجود تعاون محدود لبلاده مع القيادة الأفغانية الجديدة يعد أمرًا ضروريًا، بل وبلغ الأمر بوزارة الخزانة الأمريكية أن تبلغ المؤسسات المالية بإمكانية التعامل مع التحويلات الشخصية إلى أفغانستان، أما بالنسبة للدول الأوروبية فقد أكد الاتحاد الأوروبي في اجتماعه الأخير ضرورة التعاون مع الحكومة الجديدة لأنها تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم، جاء قرارها هذا بعد شكواها من طريقة الانسحاب الأمريكي المفاجىء على الرغم من وعود الرئيس الأمريكي بالتشاور معها، ورأت بأنه كانت هناك إملاءات أكثر من الحوار حول أفغانستان مما أضاف الفشل الذريع الأخير في (كابول) بعد الزلات الأمريكية السابقة في ليبيا وسوريا والعراق.

وفي النهاية، فإن حركة (طالبان) أصبحت واقعًا ووضعًا قائمًا على الأرض يقتضي التعامل معها، وعلى الحركة إذا ما أرادت الاعتراف الدولي بها أن تلتزم بالحفاظ على السلم والاستقرار الدولي، وتكون من ضمن الدول التي تنبذ الإرهاب لا لتصنعه وأن تطبق الديموقراطية مثلها مثل الدول الإسلامية المحافظة، وتتيح للمرأة العمل والمشاركة في التخطيط والبناء لدولة حديثةَ، وأن تطبق وتحافظ على حقوق الإنسان، والأهم من كل ذلك أن لا تكون ملاذًا للتشكيلات والمليشيات الإرهابية كالقاعدة وغيرها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store