Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

التطهير التكنولوجي لأولئك المدمنين

A A
* الناس في تعاملهم مع مواقع وبرامج التواصل الحديثة ومنصات وصفحات الإنترنت نوعيات متعددة ومختلفة، فمنهم الذي يقتطع لها القليل جداً من يَومِه، لِيَقْطِف منها الثَّراء المعرفي، أو يُفِيْد منها فيما يخدم أهدافه ورسالته، وهؤلاء قليلٌ مَا هُم!

* طائفة ثانية تخَلى أفرادها عن مسؤولياتهم تجاه أُسَرِهم وأعمالهم ومجتمعهم، وقبل ذلك أنفسهم ليسكنوا غُرف مواقع التواصل ومنصات الإنترنت، ويُهلكوا أوقاتهم في متابعة أيّ شيء وكلّ شيء!!

* وهناك فريق ثالث باحثون عن الزعامة حتى في الفراغ، وهذا ما وجدوه في «مجموعات الواتسَاب» التي أنشأوها،؛ ولذا فلا مهمة لهم في حياتهم إلا «رئاستها» ليمارسوا الأمر والنهي والإضافة والإزالة، مُنتَشِيَن بهذه السلطة الزائفة، فعلى الواحِد منهم تنطبق تماماً الطُّرفَة الشائعة، وفيها أن شاباً ذهَب للِخِطبَة من إحدى الأُسَر، حيث سَأله الأب عن عملِه، فقال: (مُدير)، فأجابه والد الفتاة: ما شاء الله، أين؟! فأكّد بأنه (مُدِيْر قُروب واتساب)!

* أما رابع الفئات فهم الذين ينقلون تفاصيل يومهم من ساعات الفجر حتى المَبِيْت، أَكْلهم، شُرْبهم، زياراتهم، صلاتهم، صيامهم، وهم في بيوتهم، أو في المسجد، أو في السيارة، ولم يبق إلا وهم في (...) لقضاء الحاجة أعزكم الله، وما هو أدهى وأَمَرّ أنّ من هذه الفئة الذين جَفَّ ماء الحياء مِن وجوهم، فهم ينشرون على الملأ أدق مشاهد خصوصياتهم الأُسَرِيّة، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الاستهزاء بـ»زوجاتهم، أزواجهم، أطفالهم»، أو وضعهم في مواقف محرجة أو فيها عُـنْف، وكلّ ذلك استجداءً لضحـكَات المتابعين، والأكثر أَلَمَاً هناك نسوة يَنشُرْن صُور ومقاطع لهنّ، مع إدراكِهِنّ أنه يمكن التلاعب في تلك الصّور والمقاطع، ليُصبحِن بعدها في مرمى الابتزاز أو يَفْقِدْنَ حياتهنّ حقيقة أو يَبْقِينَ في وُجُودٍ أرحَم منه العَدم!

* فلأولئك الذين أصبحوا ضحية للإدمان الإلكتروني أفيقوا من غفلتكم، وأدركوا ما بقي من أعماركم، وامنحوا أنفسكم عطلة رقْمِيّة أو تطهِيراً تكنولوجِياً، بإغلاق أجهزتكم، والاستمتاع بحياتكم، والإفادة في هذا الإطار من كتاب (مصيدة التّشَتّت) للكاتبة (فرانسيس بووث) الذي أنصحكم بقراءته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store