Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

العنصرية المشروعة

A A
من المعروف أن العنصرية تقوم على اضطهاد وتهميش فئات بالمجتمع لأسباب كاللون والعرق والطائفية، ويعد نيلسون مانديلا أحد أبرز السياسيين بالعالم الذين ناضلوا من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري، وإقامة نظام ديمقراطي بجنوب إفريقيا، بينما يعد المفكر الهندي المهاتما غاندي من أكثر المؤيدين للعنصرية، فقد كان يرى أن السود هم أدنى من الهنود والبيض، في حين لا يزال الأمريكي جورج فلويد يحتفظ بلقب آخر ضحايا القتل الوحشي لداء (العنصرية المُحرمة)!

أما نحن فلدينا مفهوم عكسي للعنصرية، حيث تصبح مجرمة حين نستنكر لفظيًا كمواطنين بعض الأجانب الذين يعيشون على أرضنا ويرفلون بنعيمها لكنهم لا يتوانون عن الإساءة لنا، فيما تصبح العنصرية مشروعة حين تمارس فعليًا من قبل الأجانب ضدنا نحن أبناء البلد، فينتحلوا هويتنا، ويطمسوا عاداتنا، ويقطعوا سبل رزقنا!؟

تصبح العنصرية مجرمة لدينا: حين يسأل ابن البلد -بكل براءة- عن مقدار الراتب الباهظ الذي يتقاضاه المشرف الأجنبي، مع أنه يأتي للعمل متأخراً ولا يؤدي تلك الأعمال الملحوظة، فيما تصبح العنصرية مشروعة حين يتم اختيار ذلك الأجنبي (الموظف المتميز) بالحفل الختامي -دوناً عن أبناء البلد- فيرقى ويكرم ويحصد الجائزة الكبرى!

تصبح العنصرية مجرمة لدينا: حين تتملك الحيرة البسطاء وهم يستمعون لقرار تمديد خدمة الرئيس التنفيذي وهو من الطبقة البرجوازية وعمره شارف السبعين وليس بحاجة للوظيفة، فيما تصبح العنصرية مشروعة حين يتم رفض قبول توظيف مواطن من الطبقة الكادحة بسبب بلوغه الأربعين مع أنه بحاجة لفتات راتب الوظيفة ليطعم أفواه أسرته ويسد بعض التزاماته!؟

تصبح العنصرية مجرمة لدينا: حين يتجرأ أحد أبناء البلد الباحثين عن مصدر رزق بمقولة (الأجانب كلونا)، فيما تصبح العنصرية مشروعة حين تمارس العمالة فعلياً المافيا التجارية من خلال تحزبات كل جنسية بمهنة أو تجارة حتى يحتكروها فيما بينهم، بحيث يفشل كل سعودي يفكر باقتحام هذا المجال أو منافستهم فيه!

واخيراً، على الرغم من عنصرية (غاندي) إلا أنه كان يقود بالمقابل احتجاجات من قبل الفلاحين والعمال بالمناطق الحضرية ضد الفقر والبطالة، وعلى الرغم من تظاهر البعض لدينا بأنه يجرم (الفصل الوظيفي) ويسعى لإقرار أنظمة تدعم السعودة والتوطين، إلا انه سرعان ما تنكشف حقيقته ويقف عاجزاً أمام معاناة شبابنا المهمشين والعاطلين، ولهذا، لا يزال الشاب السعودي المؤهل يحتفظ بلقب آخر ضحايا التمييز الوظيفي لـ(العنصرية المشروعة).


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store