مابين الفلق والقرارة والشبيكة حكايات لاتنسى

تهادت الروح وأشرقت سعيدة ببعض لمحات دفينة خرجت من طيات الذاكرة وانا اتأمل هذه الصورة للمكان الذي ولدت وعشت فيه.

إنها صورة باب العمرة بمنارتيه الشاهقتين، فارعتي الطويل، شديدتيّ الحسن و الجمال.. في نهاية حي الشامية تقريباً و بداية حي الشبيكة إنعطافاً من المبنى الكبير في صدر الصورة وهو مبنى فندق مكة للعائلة المكية العريقة، عائلة البوقري، و الذي يوجد به أحد المكاتب الكبيرة للخطوط السعودية.. و هي بالطبع من المناطق التي تمتلئ بالحجاج و المعتمرين لنعيم جوارها للبيت العتيق.

معالم وبيوتات

استقراء الصورة يقودني الى جزء من ملامح وبيوتات كانت موجودة في جنبات هذه الصورة وقد عايشت جزء منها على المستوى الشخصي.

فحي الفلق كان يعج بالحياة وعلى جنبات طلعته الشهيرة بيوتات عريقة ومحلات تجارية ، ويمثل الحي بوابة عبورالى الحرم والأحياء الأخرى في الجهة الغربية.وفي محلة القرارة محلات تجارة الوالد والعم الشيخ عمر رحمهما الله تحت عمارة الأشراف العملاقة التي كانت معلماً هندسياً بارزاً حين إنشائها، ومن اشهر التجار العم الشيخ عمر سراج رمضاني أمد الله في عمره، و الشيخ حامد رمضاني رحمه الله، ومن رجالات الحي الشيخ حمزه بصنوي والشيخ صالح أبوغلية رحمهم الله، والشيخ عمر حلبي حفظه الله، و سراج طه خياط رحمه الله .

وكان التجار واهل الحي يجتمعون ويتناقشون في اوضاع السوق واحوال المجتمع عموما واذكر في هذا المكان ان الوالد سمح لي بالعمل محاسبة أو «كاشيرة» لوقت قصير فكانت تجربة ممتعة سمحت لي بالتعايش المباشر مع الحجاج و الحاجيات و بالذات الايرانيات حيث يكن يجدن مبتغاهن من أجود أنواع الأقمشة اليابانية والتي يحضرها الوالد خصصياً لحجاب «التشادور».

ايضا من معالم الصورة المعارض المنتشرة تحت عمارة العلاف ومن اشهرها معارض جدي محمد سعيد خوندنه رحمه الله وتجار برزوا في ذلك الوقت ، وهذه المناطق لملاصقتها الحرم الشريف كانت تعج بالحركة طوال شهور الحج.

اليوم المنطقة ازيلت بالكامل وشهدت حركة تطويرية شاملة في ظل التوسعة السعودية الكبيرة للحرم ، وفي ذات الوقت شهدت خدمات الحجيج نقلة نوعية في هذا العهد الزاهر.