Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

أعتذر لمعالي مدير القروب!

A A
بعد الضجة الكبيرة وردود الفعل الواسعة التي تناولت الرأي القانوني الذي أبديته لصحيفة مكة حول (حذف عضو الواتس اب)، وجدت أنه من الواجب علي تقديم الشكر الجزيل لكل الآراء المصاحبة بما فيها تلك الآراء المخالفة لوجهة نظري موضوعياً والتي أثرت الحوار من زوايا مختلفة، فيما لا أخفي خيبة الأمل التي اعترتني من تلك الردود السطحية والساخرة التي بدرت للأسف الشديد من بعض الزملاء من باب (الغيرة المهنية)، وكذا من تلك الردود الغاضبة والمتشنجة من بعض وسائل الإعلام وكتاب الرأي الذين طالما صموا آذاننا بإيجاد مساحة أكبر لحرية الرأي، في حين أنهم ظلوا على مدار أسبوع كامل يصادرون رأيي ويقمعون أفكاري ويجيشون الجهات المختصة لتقنين الظهور الإعلامي للمحامين!! لم يكن غرضي من الرأي القانوني الذي أثار الجدل: (حذف عضو الواتس اب) لا الشهرة ولا التسويق ولا (الشو) كما يروج لذلك صغار العقول، وإنما كان رأياً مهنياً ونتاج خبرة 22 سنة كان رائدي فيها نشر الثقافة القانونية، وإيجاد حراك فكري نير لمفهوم المواد النظامية المرنة والفضفاضة. وحتى أحسن الظن، هناك من خدعته أو استفزته العناوين المثيرة للصحف الإلكترونية الرائجة والتي اجتزت كامل الرأي ولخصته في عبارة مقتضبة: (حذف عضو من قروب واتس اب عقوبته السجن سنة وغرامة 500 ألف ريال)، والحقيقة أنني لم أقل هذا الكلام، وأن ما قلته نصاً هو:

(قيام مشرف المجموعة بقروب واتس اب بحذف أحد الأعضاء يعرضه للمساءلة القانونية متى تقدم ذلك العضو بشكوى للجهة المختصة وقد تلحقه العقوبة النظامية المنصوص عليها بالمادة 3/5 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية إذا أثبت تضرره منه وقد يضطر لتعويضه)، وهنا يا ليت نضع ألف خط تحت كلمة (متى) و(قد) و(إذا أثبت تضرره) والتي تعني أنني لا أشرع ولا أحذر وإنما أبدي رأياً وفق حيثيات وأسباب معينة.

ورغم ضيق المساحة إلا أنني حرصت على إيراد نص المادة النظامية وتحديداً (السجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال) وهذه إشارة إلى أن النظام أورد السقف الأعلى للعقوبة، ليفهم منه بالمقابل إمكانية تطبيق الحد الأدنى والتي قد تكون؛ السجن يوم أسبوع شهر و/أو غرامة ألف ألفين ثلاثة -أقل أو أكثر- وفق الحالة، ولكنني لا أستطيع شرح كل هذا بتغريدة من 280 حرفاً أو بخبر صحفي محدود المساحة! أما من قللوا من أهمية الموضوع -ووصفوه بالخبر التافه- أو أنكروا أو حجموا من مقدار الضرر الذي قد يترتب على (حذف عضو الواتس اب)، فمع احترامي لرأيهم، إلا أنني سأوضح الآتي: سواء التشهير وحده أو الضرر وحده أو التشهير والضرر معاً كما قرأ هذه المادة بعض المحامين، فإن اثنينهما حاصل ومتحقق، فالواتس اب يحتل المركز الأول بين أكثر تطبيقات التواصل استخداماً ثم التيك توك والسناب وتويتر وانستقرام، والواتس منذ العام 2016م يمكن أن يضاف فيه 256 عضواً، ولو تم تخييرك بين التشهير بك على مستوى العالم أو القارة أو الخليج العربي أو البلد وبين التشهير بك (بطردك والتقليل من مكانتك) من قروب العمل أو العائلة أو القبيلة أو الحي أو زملاء المهنة أو الأصدقاء القدامى لاخترت العالم أهون!! إنني هنا لا أحاول فرض رأيي -لا قدر الله- وإنما أريد أن أوضح سلامة مقاصدي من إبراز مثل هذه المواضيع التي خضت بسببها حروباً إعلامية، وزيادة بالبينة، أود أن أسأل من هاجموني أو تندروا بطرحي (وهم بالواقع يبرزون ضحالة تفكيرهم): هل أبديت رأيي القانوني دون سند نظامي، هل عددت المادة 3/5 سواء على سبيل المثال أو الحصر الجرائم المعنية، هل يوجد لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية لائحة تنفيذية تفندها، هل تم تحديد مدى التشهير أو نوع الضرر الوارد بالمادة: مادي أو معنوي أو أدبي، هل وردت المادة بصيغة حادة وجامدة لا تقبل التأويل والاجتهاد، أليس طرد وازدراء عضوًا خطأ كالتلفظ عليه ينافي تعاليم الشريعة وقوانين حقوق الإنسان وأليست القطيعة التي تعقبه بما تنتجه تعد ضرراً تتحقق معه العلاقة السببية؟!

إنني لا زلت مصراً على رأيي القانوني، وإن كنت سأعتذر: فإنني أعتذر بشدة عن محاولتي اليائسة لتكريس احترام مكانة الإنسان حتى بمواقع التواصل، أعتذر لأنني علقت آمالي بالحوار القانوني على شهرة بعض زملاء المهنة الذين خذلوني، أعتذر لأنني أحسنت الظن بإعلاميين وصحف إلكترونية لطالما خدمتهم لأفاجأ بوجودهم بالصفوف الأمامية التي تحاربني بتهمة البحث عن (الشو) وهي التي لا تزال ليومنا تستند على خبري لغاية التسويق، أعتذر عن إكمال مشروعي بمناقشة بقية المواد الفضفاضة كالمادة 75 بنظام العمل التي منحت الشركات حق فصل شبابنا بناء على (سبب مشروع)، وأخيراً (أعتذر لمعالي مدير القروب) لجهلي بأنه يتمتع بالحصانة ولديه كل هؤلاء المطبلين الذين لا أملك أمام نفوذهم سوى الدعاء: (اللهم أرزقه البطانة الصالحة)!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store