إنتهاج الفكر المعماري السلماني
فضاء سوسيولوجي وثقافي وتاريخي
أما الكاتب عبدالله الحسني، يبصر من زاويته أن فن العمارة ليس مجرد بناء مادي ذي طابع تجريدي محض؛ وإنما هو فضاء سوسيولوجي وثقافي وتاريخي متراحب، مركزاً على مفردة "ميثاق"؛ التي يرى أنها مفهوم ثقافي مهم يؤطّر رؤيتنا ومفهومنا للمغزى، ويفترض أن يكون خارطة طريق ثقافية ذهنية تبوصل اتجاهنا، ونحن نتعاطى مع الفن المعماري الذي يكتسب دلالة غاية في العمق، ويكمل اعتقاده بإن العمارة بحيّزها الجغرافي حين يتم إنشاؤها فهي ترتكز على رؤية ثقافية عميقة تستبطن رؤيتنا للمكان ولتراثنا وتقاليدنا المحلية بخصوصيتها المتفردة؛ فهي من جهة تعزّز الهوية الإقليمية الخاصة، وتجذّر هذا الارتباط الوجداني الذي يتلمّس أفكارنا وأنماطنا المعيشية في سياقاتها التاريخية والإنسانية المحاذية لها، وتصبح مع الزمن ملمحاً هويّاتياً راسخاً ومتجذراً.
الهوية العمرانية وأصالة التراث
ويضج الطراز السلماني بالعديد من المدلولات التي أتت من حياة المجتمع، هذا ما يراه المؤرخ الاجتماعي منصور العساف، الذي يوضح أن الفنون المعمارية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجذور الثقافية، وكذلك الإنسان الذي يعد عاملاً مهماً كونه ابناً باراً لبيئته، مشيراً إلى بداية العمران بالرياض عندما كانت أنماطه حبيسة أفكار المهندسين الذين لم يقرأوا بتمعن الثقافة المحلية للمجتمع، بخلاف ما حدث بعد ذلك، تحت إمارة الملك سلمان للرياض وتحديداً من 1975م حتى 1985م، حيث برزت خلال هذه الفترة الهوية العمرانية، إذ بات المصمّمون تحت توجيهات حريصة بالأخذ من أصالة التراث، وظهر على المشاريع التي حدّثت أشكالاً هندسية عائدة إلى الثقافة المحلية، مثل مكتبة الملك فهد المغايرة بتصميمها الذي يحاكي الخيمة العربية التقليدية.