Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

حلم فائض الميزانية

A A
من منا كمواطنين كان يحلم قبل إعلان ميزانية 2022م، بهذه الكلمات المبشرة والنفقات المتوازنة 950 مليارًا والإيرادات الهائلة 1045 مليارًا، التي أطلقها ملكنا الغالي معلناً: «تجاوز المملكة الآثار الاقتصادية، والمراحل الاستثنائية لجائحة كورونا، واستمرار الانطلاقة الاقتصادية للمملكة، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية والمالية، وفق رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى الاهتمام بأمن وصحة المواطنين والمقيمين، والتنمية البشرية، واستمرار النمو والتنويع الاقتصادي، والاستدامة المالية»، من منا كان يحلم بوجود فائض للميزانية وبلوغه 90 مليار ريال؟.

من منا كان يحلم: في ظل تداعيات جائحة (كوفيد 19) والظروف القاهرة التي واكبته، أن يستمع لمثل بشارة عراب الرؤية ولي العهد الأمين حين شنف آذاننا معلناً: تراجع معدلات البطالة من 12,6% في نهاية العام الماضي إلى 11,3%، في منتصف العام، وتوقع سموه تحقيق فوائض مالية قد تتجاوز 2,5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022م وهو ما سيرسم الأمل الزاهر والمستقبل المشرق لشبابنا المتطلع.

من منا كان يحلم: بعد أيام الحجر والإجراءات الاحترازية التي طوقتنا أشهرًا طويلة أن يطل علينا بعد فترة وجيزة منها معالي وزير المالية متوقعاً: النظر في تخفيض الضريبة المضافة البالغة 15% والذي يعد أصعب قرار اضطرت لإجرائه الحكومة من أجل تخفيف الآثار الاقتصادية.

من منا كان يحلم: بعودة الحياة الطبيعية بعد أن عصف ذلك الوباء المتفشي ليس فقط بتطلعاتنا الكمالية بل حتى باحتياجاتنا الماسة والضرورية؟، كم من مشكلات أسرية وعملية ومالية تراكمت فوق ظهر المواطن حتى كادت تقصمه إلى نصفين، كم من لحظة يأس راودت أكثر المتفائلين وأقل المتشائمين بانقشاع هذه الغمة، حتى جاءت الميزانية أشبه بالغيمة الندية التي تبشر بأمطار غزيرة سيعم صيبها وخيرها أرجاء البلاد.

من منا كمواطنين لن يحلم بعد اليوم: بقطف ثمار التنمية البشرية الموعودة، والنمو الاقتصادي والاستدامة المالية، من خلال خفض معدلات البطالة بالسنوات القليلة القادمة إلى 7%، وتقليص أعداد الطلاق المهولة لأدنى مستوياتها في ظل الإصلاحات العدلية، وإعادة أسعار البنزين المرتفعة إلى تلك التعرفة الرمزية المتوافقة مع أوضاع المواطن الاقتصادية؟، من منا كمواطنين لن يحلم اليوم: بإقرار حد أدنى للرواتب بما يكفي الحاجة، وقصر الوظائف القيادية على شبابنا، ورفع نسبة السعودة إلى 75%، والحد كثيراً من الغرامات على المنشآت المتوسطة والصغيرة؟.

إننا اليوم كمواطنين، مع إعلان الميزانية المبشرة للعام 2022م، أقرب ما نكون لذلك الشخص الذي ظل سارحاً مفزوعاً لبرهة من الزمن، قبل أن ينظر لفراشه ويتذكر بأنه كان نائماً، وأن كل الأحداث الصعبة التي مر بها ما هي إلا كابوس مزعج اسمه (كورونا) أيقظ مضجعه، وأن كل ما عليه إقفال المنبه ووضع (البارفان) على ملابسه البيضاء الجديدة، والانطلاق نحو موعده الغالي والمؤجل المطرز بـ(حلم فائض الميزانية).


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store