Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

نون النسوة.. كفاية (تصوير)..!

صدى الميدان

A A
* (ما عينت خير من صورت ونشرت) بهذه العبارة الصادقة، والمحزنة تحدثت من تعاني اليوم ويلات آلام لا علاج لها، ومثلها من فقدت طفلها أو طفلتها، ومن تفرق شمل أسرتها والسبب (صورة)، إلى غير ذلك من القصص، والأحداث التي تقف خلفها (صورة) هي نتاج (هوس) اجتاح (نون النسوة) بتصوير كل شيء (البيوت، والموائد، والمقتنيات، والروحات، والجيات... الخ) مما جعل البيوت (المستورة) بالأمس تكشف عما بداخلها، وبأيدي أهلها اليوم.

* ورغم كل (الويلات) التي جرتها على أصحابها كاميرا جوالاتهم، ورغم كل ما حصل، ويحصل، وسوف يحصل بسبب تلك الموجة إلا أن الوضع يتفاقم، والحال أصبح في معيار التقييم الشامل أقرب إلى (الظاهرة)، حتى مع توالي (التحذيرات)، ونشر قصص النهايات المؤلمة لعواقب (التصوير)، إلا أن الجميع يتقاطعون في (الغفلة)، يتأثرون مؤقتاً لتلك النهايات المحزنة، ثم يعاودون السير في نفس الاتجاه، يصورون، وينشرون، ثم إذا ما أصيبوا بمكروه ندموا، ولكن بعد فوات الأوان.

* فكم من أمراض أعيت الأطباء، وكم من فقد لا يمكن تعويضه، وكم من بيت ضاق بأهله رغم سعته، وكم من أشخاص فتحوا على أنفسهم من خلال عدسة جوالاتهم باب شر تحولت معه حياتهم إلى جحيم، بعد تلك الحياة المستورة، التي أصبحت شيئاً من ماضيهم الجميل، والذكرى في زمن (كشف المستور) بأيديهم، وعبر جوالاتهم، وبإصرار عجيب على أن يعرف (العالم) متى نمت، ومتى قمت، وأين أكلت، ومع من جلست، وماذا لبست بل تجاوز البعض إلى حيث أن أصبحت حياتهم الخاصة جداً كتاباً مفتوحاً تقدم (للعيون)، وبأدق التفاصيل.

* إن ما يلاحظ من (هوس) التصوير والنشر، سببه برأيي سوء توظيف هذه (التقنية)، وقد يكون بسبب أن البعض يجد فيها متنفساً ليهرب من واقعه، حتى وإن كان ذلك على حساب نشره ما يجب عليه ستره، وقد يكون بسبب عقد نقص بعضها فوق بعض تدفع إلى الدخول في سباق (الهياط)، والمباهاة، وإغاضة الطرف الآخر خاصة بين النساء الأكثر (حساسية) في هذا الجانب، وهو ما يعني أن الخروج من هذا الواقع المحزن، والمستنقع الآسن ليس بقريب المنال.

* أقول ذلك، ونحن نشاهد ذلك الكم (الرهيب) من الجوالات، التي ترتفع في لحظة واحدة، في مكان واحد؛ لتصور لقطة واحدة؛ لترسل فيما بعد، ولكن بمقاصد مختلفة، فرفقاً بأنفسكم أقولها للجميع، وأخص بها (نون النسوة)، خافوا على حياتكم، وبيوتكم، وفلذات أكبادكم، وممتلكاتكم، واعلموا أنكم لن تضيفوا لهذا العالم بما ترسلونه من مقاطع، وصور خصوصياتكم شيئاً ذا بال، ولكنكم قد تفتحون بذلك على أنفسكم باب عذاب، وغصة وخراب، لأجل ذلك أقول، وبدافع محبة الخير لكم، وأملاً في دوام سلامتكم، ووصفة علاج ناجع سيحدث فرقاً ونقلة إيجابية في حياتكم: كفاية تصوير.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store