كن هناك دائما

أرأيت كيف تغير الثواني أو الدقائق ــ لا الساعات والأيام والليالي ــ حياة مجتمع بأكمله من الطمأنينة إلى القلق ومن الراحة إلى المشقة ومن العبودية إلى الحرية ومن الحرية إلى العبودية.إنه التغير الذي يقع بسبب كارثة كونية أو بشرية، وتأتي التوابع ربما أشد من هول صدمة الكارثة، لأن في الآثار تكمن أسرار ما في الكارثة من مخاطر وأهوال.في اليابان لا تزال الأمهات يحصلن على حصص من المياه المعبأة والحليب لاستخدام الأطفال لعدم سلامة مياه الشرب إضافة إلى تقنين توزيع ورق التواليت على المواطنين.هذا ثاني اقتصاد عالمي وهذه آثار كارثة كونية وبشرية معاً، فالتسونامي ضرب المنطقة ومنها مفاعل نووي لتوليد الطاقة كانت له آثاره على حياة اليابانيين ومنتجاتهم،وقد وصل تقدير الخسائر إلى (300) مليار دولار عدا الخسائر في الأرواح ومعلوم أن اليابان لجأت إلى المفاعلات في نهاية السبعينات حين ارتفعت أسعار النفط آنذاك.في العالم العربي يتكرر ما حصل في أمريكا الجنوبية في السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم، حيث يبيت في الزنازين من كانوا على كراسي السلطة، ويخرج إلى فضاء الحرية الرحب من زج بهم الطغاة الظالمون وراء القضبان بدون وجه حق.التغيير والتغير سنة الحياة التي أراد الله سبحانه أن تجعل من الكون عالم حركة لا سكون، ومن أوهم نفسه بأن بقاء الأمور على حالها فقد يجد نفسه ذات يوم خارج منظومة الحياة وقد تجاوزته وتركته وحده.النفس التي تلهم أسرار الحياة تأبى إلا أن تكون جزءاً فاعلاً منها، وحتى حين تأتي النهاية فلابد من الأخذ بأسباب الحياة تأسياً بالقول الشريف « إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» وحين يدخل المرء قبره يتواصل التغيير فسوف يبدأ السؤال وتبدأ الحياة الجديدة ويتوقف العمل إلا في ثلاث «ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية أو علم ينتفع به”لا تقف الحياة حتى عند الأموات.