عالمُنا.. عِقدٌ يطل وحكايةٌ تبدأ ..!

منذ تشكَّلت ملامح الوعي لديَّ وأنا -كغيري- أعيش توالي الأحداث العظمى على الساحة الدولية في عصر أضحى العالم فيه كأُسرة صغيرة يعرف أفرادها الوقائع والأحداث التي تتم فيها، ويتأثرون بها بفضل التقنية الحديثة والوسائط المتعددة. لذا سأبدأ بالأحداث التي وعيتُها، وهي تبدأ منذ (مطلع الثمانينيات) من القرن الميلادي المنصرم، حيث شهد العالم –وخاصة الإسلامي والعربي- خلالها أحداثًا مفصلية، غيرت مجرى التاريخ، وعلى إثرها برزت دول واختفت أخرى، وتبدلت مفاهيم، وظهرت تيارات، وزالت زعامات. العجيب في هذه الأحداث هو تساوي المدة الزمنية الفاصلة بينها، فهي تكاد تنحصر في (عشر سنوات) خلال الثلاثين سنة الماضية، ولا أدري ما حكاية هذه المدة المحددة بعشر سنوات، وإن كان لا يغيب عن بالنا أنها بقَدَر ومشيئةالله. نبدأ بالسنوات العشر الأُوَل التي اُستُهلَّت بثلاثة أحداث ليس بينها فاصل زمني كبير. هذه الأحداث هي (الثورة الإيرانية 1979م) و(الاحتلال السوفيتي لأفغانستان1979م) و(الحرب العراقية الإيرانية 1981م). كلنا نعلم حجم الأثر الذي خلفته هذه الأحداث، فالثورة الإيرانية أضحت مصدرًا متجددًا للصراعات الإقليمية وعنصر زعزعة للاستقرار العربي، وكم من الأشواك زرعتها في خاصرة الأمة العربية! أما الاحتلال السوفيتي لأفغانستان فقد جر العرب والمسلمين إلى حوزة أمريكا؛ كونها الداعم الأول لهم في وجه المد الأحمر، وفي حقيقة الأمر أن العرب والمسلمين لم يكونوا سوى أدوات جيدة في يد المارد الأمريكي لتحقيق هدفه بكبح جماح الدب الروسي ورميه بعيدًا عن المياه الدافئة، والدليل على ذلك هو الانقلاب الأمريكي على صديق الأمس، ووصفه بأبشع الصفات بعد انتهاء المهمة. أما الحرب العراقية الإيرانية فقد أتت على الأخضر واليابس وبالأخص في المشرق العربي، ثم أدت إلى نشوء تكتلات عربية ودولية بوجه الطموحات الإيرانية. أما السنوات العشر الثانية فقد شهد مطلعها (غزو صدام للكويت 1990م) و(انهيار الاتحاد السوفيتي 1991)، فغزو صدام كانت نتائجه وخيمة على العرب حيث أدى إلى تفرقهم وانكشاف نوايا بعضهم تجاه بعض، وأدى إلى شق في الصف العربي الذي لم يتم رتقه حتى اليوم، أما انهيار الاتحاد السوفيتي فقد أدى إلى استفراد أمريكا بالساحة وظهور القطب الأوحد والتبشير بما سماه (بوش الأب) بـ(النظام العالمي الجديد) وكلنا نعرف النتائج المريرة التي تجرعها العالم نتيجة هذا النظام. أما السنوات العشر الثالثة فقد شهدت في مطلعها أكبر العمليات الانتحارية التي غيرت كثيرًا من المفاهيم وجعلت أمريكا أسد العالم الهصور وأعني بالعمليات هجمات (11سبتمبر2001م) التي على إثرها اجتاحت أمريكا أفغانستانَ ثم احتلت العراق وحشرت العالم في زاوية ضيقة تحت تهمة (الإرهاب) الفضفاضة وجعلت بعض دول العالم الثالث تحت مطرقة المساءلة والاتهام وكل منها يقول (اللهم سلِّم سلِّم). بل كان من نتائج تلك الأحداث أن شهد الإسلام هجمة عمياء من الغرب المسيحي حتى وصل الأمر للقرآن الكريم وطال سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. وكان من نتائجها ظهور تيارات كانت تكتفي بالمناورة مع شعوبها حتى إذا ما سمعت (خشخشة) أقدام المحتل رفعت عقيرتها وكشفت عن هويتها واستقوت بالمحتل بحكم قُربه المكاني، فكانت عشرًا من السنين العجاف التي اُبتلِيت فيها بعض التيارات أشد ابتلاء حتى بلغت القلوب الحناجر وظُنَّ بالله الظنون، وتخلى أناس عن مبادئهم التي آمنوا بها وبعضهم لم يكتفِ بعملية التخلي بل انقلب عليها وارتمى في حضن الآخر وناصره. وما إن أطلَّت العشر الجديدة إلا وتقع أحداث عربية جسام تمثلت في (الثورات العربية الشعبية2011م) على بعض الأنظمة الحاكمة، فكانت تونس نقطة الانطلاق لتلك الثورات ثم أصاب مصر ما أصاب تونس، ثم امتدت الثورة لتشمل ليبيا واليمن. هذه الثورات كان من نتائجها انزياح القبضة الحديدية لبعض الأنظمة وحلول الحرية مكانها، وازدياد الوعي لدى الشعوب العربية. بقي أن نقول إن الأحداث خلال الثلاثين سنة الماضية كانت مستمرة لكنها لم تكن بحجم هذه الأحداث التي أتت مع مطلع كل عشر سنين ولم تغير مجرى التاريخ وتؤثر فيه مثلها. وإن أبقانا الله (لسنة 2021م) فما هو الحدث الأكبر الذي تخبئه للعالم تلك السنوات العشر القادمة؟ ***نرحب في اللجنة الثقافية بمحافظة القنفذة التابعة لنادي جدة الأدبي الثقافي بالشاعرين الكبيرين أ.د/ صالح الزهراني عميد كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى، والأستاذ/ جاسم الصحيح عضو نادي الأحساء الأدبي، في الأمسية الشعرية التي تنظمها اللجنة (مساء اليوم) بقاعة الاحتفالات بالكلية الجامعية بالقنفذة، وهي دعوة للجميع للحضور؛ ليحلقوا مع الشاعرين المبدعَين في فضاء الكلمة الشاعرة والخيال المجنح.. فأهلاً بالجميع.Mashr_26@hotmail.com