Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الحوثي يكتب نهايته باستهداف المدنيين

A A
مرة أخرى عاد المجتمع الدولي لممارسة تناقضاته الغريبة، وحاولت بعض منظماته ممارسة عادتها المشبوهة بالتغطية على انتهاكات جماعة الحوثيين الانقلابية التي تجاوزت كافة الخطوط الحمراء، واستمرأت قصف المناطق والتجمعات المدنية التي تحظر القوانين الدولية مجرد الاقتراب منها أو تهديدها، وحاولت في مرات كثيرة قصف القرى والمدن السعودية الواقعة على الحدود، واستهداف المطارات المدنية في أبها ونجران.

وعندما فشلت كافة تلك المحاولات، أقدمت خلال الأسبوع الماضي على قصف مطار أبوظبي، مُوقِعَة عدداً من القتلى والجرحى، كما تسبَّبت في اشتعال النيران في بعض مرافق المطار.

لم تكتف الجماعة الانقلابية الخارجة على القانون باعتدائها السافر، بل تجرأت على إعلانه والمفاخرة به، وكأنه انتصار، متجاهلة أنها بذلك تقدم شهادة للمجتمع الدولي، تؤكد افتقارها لأي قيمة إنسانية، وابتعادها عن المعاهدات والمواثيق الدولية التي ينبغي مراعاتها، حتى في حالات الحروب التي لها قواعد اشتباك معلومة يُحدِّدها القانون الدولي. كان لافتاً في إعلان المليشيات الإرهابية اعترافها باستخدام صواريخ كروز وطائرات مسيرة، وهو ما يمثل دليل إدانة جديداً ضد النظام الإيراني الذي يدرك العالم كله أنه هو الذي يمد الحوثيين بتلك الأسلحة النوعية، ويتولى تشغيلها وتوجيهها، في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تمنع تصدير السلاح للمتمردين الحوثيين، وفي مقدمتها القرار رقم 2216.

بذلك التصرف المرفوض، أوقعت طهران نفسها في مأزق صعب بمواجهة العالم كله، في وقت حرج تحاول فيه التظاهر بالانصياع لرغبات المجتمع الدولي بوقف برنامجها المثير للجدل، وتفكيك برنامج الصواريخ الباليستية، أملاً في الحصول على اتفاق يتيح لها التخلص من العقوبات الدولية التي أرهقت اقتصادها، وحوَّلت شعبها إلى أحد أفقر شعوب العالم.

كل هذا ليس بجديد، وهو متوقع من نظام مارق اعتاد على استخدام الجماعات الإرهابية ضد شعوبها، على غرار ما يفعل في العراق «مليشيات الحشد الشعبي» ولبنان «حزب الله»، إضافة إلى مساندة نظام الأسد ضد الشعب السوري.

المثير للاستغراب هو موقف بعض المنظمات الدولية التي سارعت كعادتها بعد تزايد الضربات التي توجهها القوات الموالية للشرعية وكتائب المقاومة الشعبية في اليمن، والتي أسفرت في وقت وجيز عن تحرير كافة محافظة شبوة، وتوجيه ضربات ساحقة للمليشيات الحوثية في مأرب، وسقوط أعداد ضخمة من المرتزقة بين قتيل وجريح خلال الفترة الماضية.

ما إن بدأت صفوف الحوثيين في الانهيار وبدأت تباريح النصر تلوح في الأفق مع ارتفاع معنويات قوات الجيش الوطني، حتى بدأت تلك الدوائر المشبوهة في الحديث عن ضرورة تسريع مساعي الحل السلمي، وخفض التصعيد ووقف العمليات، وهي دعوات لا تهدف إلا لمنح الانقلابيين فرصة لالتقاط الأنفاس وتعويض الخسائر، لا سيما بعد امتناع معظم رجال القبائل عن الدفع بأبنائهم إلى تلك المحرقة.

هذا الفخ نصبته تلك الدوائر مرات عديدة لقوات الشرعية، وأتاحت للمتمردين الحصول على السلاح الذي تهربه لهم إيران ومليشيات حزب الله اللبناني. لذلك كان الموقف واضحاً هذه المرة بعدم التجاوب مع تلك الدعوات المريبة التي لا يريد أصحابها لليمن سوى استمرار المعاناة وإطالة أمد المأساة.

ما يبعث على الاطمئنان هو التصريحات الواضحة لقادة الجيش اليمني الوطني وقيادته السياسية بأن العمليات لن تنخفض وتيرتها، ولن تتوقف على الإطلاق، إلا بعد إعلان الجماعة الانقلابية موافقتها على الجلوس إلى طاولة الحوار بدون أي شروط مسبقة، وإبداء حسن النية.

الوضع الذي تعيشه مليشيات الحوثيين يشير بوضوح إلى أن نهاية ذلك الكابوس باتت قريبة، لا سيما مع تصاعد الغضب العالمي على تصرفاتها الأخيرة، واستهدافها للمدنيين، إضافة إلى نشاط الدبلوماسية السعودية والإماراتية والعربية في الدول الكبرى التي تشكل مصانع القرار العالمي، وهي جهود متواصلة لممارسة المزيد من الضغوط على المتمردين، والجهات التي تدعمهم بأدوات الموت والدمار.

سيشرق الصبح قريباً، وتتخلص المنطقة بأسرها من السيناريو البشع الذي رسمته إيران وحاكت خيوطه في ليلٍ مظلم، بتشكيل مليشيات إرهابية على حدود المملكة التي تمثل بوابة الأمن والأمان للعالمين العربي والإسلامي، لكن من أدمنوا افتعال المؤامرات وحياكة الدسائس تناسوا أن للبيت رباً يحميه، وأن الدولة التي تقوم بخدمة ضيوف الرحمن وزوار البيت العتيق لن تصل إليها يد حاقد بسوء، ولن تعرف غير الازدهار والأمن والاستقرار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store