Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

تذكر إنك «طالب» جامعة!!

A A
من أهم ملاحظاتي عندما كنت عميدًا لشؤون الطلاب في جامعة الملك عبدالعزيز هي أن هناك طلابًا وطالبات يدخلون الجامعة ويخرجون منها دون أن يدركوا حقيقة أنهم طلاب وطالبات جامعة ودون أن يستمتعوا بحياتهم الجامعية فيها، مع العلم أن فترة الحياة الجامعية هي من أفضل الأوقات للإزهار وصناعة الشخصية وتنامي الذات وصقل المواهب، بل هي مرحلة ربيعية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى فالفرصة متاحة فيها للإنماء وتشكيل القدرة الذاتية والاعتماد على النفس، والفرصة متاحة فيها كذلك لتنمية الذهن وبناء الجسم وممارسة الهوايات الفردية والجماعية، وهي أيضًا تربة خصبة للتعرف على الآخرين والاحتكاك بهم والإفادة من تجاربهم.

إن من أكبر الأخطاء في المرحلة الجامعية أن ينزوي الطالب أو الطالبة بين دفتي الفصول الدراسية والمعامل المخبرية والمكتبات الورقية والإلكترونية دون أن يمنح نفسه حقها، والعقل مراده والجسم تغذيته ودون أن يمارس نشاطات مختلفة أو ينمي موهبة ساكنة في داخله، فالنفس والقلب والعقل ليسوا وعاءً معرفيًا فقط وليسوا مكتبة ومخزوناً ثقافياً معزولاً عن الحياة بل إن النفس محتاجة إلى وقت للمرح ووقت للترفيه ووقت لمزاولة الأعمال التطوعية بالإضافة إلى مكوناتها الأساسية من مغذيات كالصلاة والذكر وقراءة القرآن، والعقل محتاج إلى تنمية وصقل من خلال البرامج الجامعية الذهنية والإبداعية والابتكارات وللقلب حاجته كذلك لإبداء رغباته وما يحلو له أن يستمتع به من رحلات برية وبحرية ومشاهدات مسرحية وسينمائية وتواصل اجتماعي ونشاطات اجتماعية تمنحه الحب والود والرحمة والعاطفة، كل ذلك هو الذي يصقل الشخصية الجامعية وليس فقط حضور المحاضرات والبقاء على مقاعد الدراسة ومراجعة أستاذ المادة والمماحكة الذهنية للتنافس على الصدارة في تحقيق النجاح في الدراسة وإن كان ذلك كله مطلوباً إلا أنه يجب أن تتذكر أنك طالب جامعي ومعني بالاستمتاع بالحياة الجامعية ولك الحق أن تطالب بحقوقك الجامعية مما يحقق لك نجاحًا في كل ما تصبو إليه من سكن ونشاط ومسرح ورياضة وثقافة، وأتذكر مما استحدثته كعميد لشؤون الطلاب لأول مرة على مستوى جامعات المملكة في عمادة شؤون الطلاب لكي يحقق هذا الهدف هو مسابقة التنافس على لقب «نجم الجامعة» في البنين والبنات وهو من يستطيع الحصول على أعلى الأصوات تشهد له بالتميز لتحقيق المعنى الحقيقي لأن يكون طالب جامعة وتشمل في ما تشمل حضوره الجامعي ونشاطه وتقدمه الدراسي وتعامله وأخلاقه وكل ما له علاقة بالحياة الجامعية، إنها محصلة لإثبات الذات الجامعية في التواجد والتميز في الحياة الجامعية.

إن مما يجب الانتباه له عند دخول الجامعة أن يدرك الجميع أن المرحلة الجامعية مرحلة مفصلية ذهبية في عمر الإنسان لا يغني فيها الحرص على التقدم الدراسي دون الاستمتاع بها، فالتقدم في الدراسة مطلوب ولا غنى عنه لتمكين الاختيار الأفضل في التخصص لكن يجب أن يكون معه ومرادفاً له الاستمتاع بالوقت في الحياة الجامعية لأن غير ذلك معناه قتل للمتعة التي لا تتكرر، بل إن معظم المتميزين والحاصلين على درجات عالية في دراستهم تجدهم ممن لهم مشاركات جامعية وممن كان لهم حظ وافر بالاستمتاع في الحياة الجامعية، فنصيحتي لكل طالب وطالبة أن لا يفرطوا بحياتهم الجامعية وأن يذهبوا كل ما يشوب أنفسهم وعقولهم وقلوبهم من تراخٍ وكسل وتردد في عدم المشاركة بحجة تضييع الوقت لأن هذه المرحلة لا تمر على الإنسان إلا مرة واحدة في العمر فيجب أن يتخرج كل طالب وطالبة من الجامعة محملاً في تلافيف دماغه منها بذكريات متنوعة وليس فقط عنت الدراسة وأتعابها إنما الحديث عن أصدقاء وزملاء شاركوه الحياة الجامعية في الأندية والهوايات والأنشطة ومنحوه حبهم ومساعدتهم ودوام زمالتهم إلى ما بعد التخرج وهذا ما جعل هناك لقاءات دائمة طول العمر بين دفعات التخرج فكما هناك في أيام البعثات دفعات تتواصل فيما بينها كدفعة القاهرة ودفعة بيروت فهنا اليوم تواصل لدفعات الخريجين من الجامعات السعودية ويبقى الود ما بقي التواصل، والذي يحقق ذلك ويجعل الطلاب والطالبات لا يزالون في قلب الجامعة هو تفعيل وكالة الخريجين والخريجات كما هو حاصل من حرص معظم الجامعات العالمية في التواصل مع خريجيها من خلال رابطة تقوم بالتواصل معهم وإقامة لقاءات خاصة بهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store