Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

لعودة آمنة.. ومستقبل مشرق

A A
عاد حوالى (3.5 مليون) طالب وطالبة في المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال إلى مقاعد الدراسة الأحد 23/1/2022م بعد انقطاع استمر أكثر من عامين، ويعتبر ذلك قراراً صائباً من وزارتي التعليم والصحة أشادت به المنظمات العالمية ومنها اليونيسيف، حيث رحَّبت باستئناف الدراسة الحضورية لما في ذلك من أثر إيجابي على صحتهم النفسية ونموهم الاجتماعي والعقلي والجسدي والنفسي.

وقد أوضح ممثل اليونيسيف في منطقة الخليج العربي (الطيب آدم)، أن هناك تقريرا أصدرته المنظمة في ديسمبر 2021م بأن وجود أكثر من (1.6 مليون) طالب خارج المدرسة، قد ألحق خسائر على صحتهم النفسية، ويشمل ذلك فقدان التعلم، والضيق النفسي وفقدان اللقاحات المدرسية التي كانت تُعطَى روتينياً، وانخفاض المهارات الاجتماعية.

وحقيقةً، كان دور وزارة التعليم كبيراً في عودة آمنة للطلاب والطالبات بإصدار دليلاً إرشادياً ونماذج تشغيلية تؤدي إلى مراعاة تطبيق الإجراءات الاحترازية، والاستفادة من المرافق والمساحات المدرسية، وتُقسِّم طلبة الفصل إلى مجموعة أو مجموعتين أو ثلاثة في استخدام المرافق، لإحكام إجراءات التباعد بما يحقق الجودة والتميز في الأداء، وإلغاء المقاصف واستبدالها بتوزيع الوجبات، وكيفية التعامل مع حالات الاشتباه. وقد خُصِّص اليومين الأوليين في التهيئة النفسية والاجتماعية والصحية. وقد كانت فترة الانقطاع عن المدرسة أكبر حدث مؤلم للأطفال.. فقد عادوا تغمرهم السعادة، بل لم يكن هناك معاناة من الأم لإيقاظ الطفل، فهو ينهض بهمَّةٍ من أول نداء.. وحين العودة ظهراً لم يكن يرغب في العودة للمنزل، وحتى في عطلة نهاية الأسبوع يرغب في الذهاب للمدرسة.. وهذا يُدلِّل على أن ملامح النمو الاجتماعي في شخصيته تتبلور لحبِّه اللعب مع الأقران وتكوين صداقات، بل ممارسة أنشطة جماعية.. ولعل صداقات مرحلة الطفولة من أجمل الصداقات التي لا تنسى.

ونظراً لما طُرِح من ضعف للمخرجات التعليمية في (70% من المدارس الأهلية) - كما ظهر في تقرير رسمي أجرته هيئة تقويم التعليم والتدريب -، حيث تبيَّن أن 376 مدرسة كانت درجاتها ما بين 45% إلى 74.9% (حسب صحيفة المدينة 26/1/2022م).. هذا فضلاً عن الفاقد التعليمي خلال العامين، والتي تستوجب تأهيلاً عالياً للمعلم والمناط به تعليم الجيل، سواء في التعليم الحكومي أو الأهلي.

وما يجب أن يُدركه المعلم في المدرسة، كيفية التعامل مع الطفل؛ كما أن تأهيله تربوياً وأكاديمياً من الأولويات؛ وفي دول العالم الأول يُدرِّس الأطفال معلمون لا تقل درجتهم عن الماجستير والدكتوراة في التربية، لأن طرائق التدريس ومنهجيته وكيفية التعامل مع الطفل واستخدام الوسائل المناسبة؛ من أهم مبادئ ومعايير نجاح عملية التعلُّم، وتكوين شخصية الفرد السوي، والمواطن الذي يُحقِّق أهداف أُمته

ولعل زرع القيم والمبادئ الأخلاقية هو أهم ما يُركّز عليه في مراحل الطفولة؛ حيث يستطيع إدراك معاني أخلاقية سامية: كالتعاون، والأمانة، والصدق، والرفق، والتواضع.. ويكتسب تلك القيم من خلال القدوة التي يراها أمامه في معلمه، والتربية الوالدية في المنزل.

بل من خلال حسن إدارة المعلم للصف، وإثارة تفكيرهم، والاهتمام بأسئلتهم، وهي أهم مبادئ نجاح المعلم، فالطفل في هذه المرحلة لدية فضول كبير، وهو ما يجعله كثير الأسئلة، وهي تزيد من ثقته بنفسه، وتُكسبه الشجاعة الأدبية، لذلك يصبح مُفكِّراً لا مُتلقِّياً، بل تُفيد أسئلته في إشباع فضول بقية الطلبة، والرد على ما يثار في أذهانهم من تساؤلات.. وهنا على المعلم استخدام التشجيع بالتواصل اللفظي وغير اللفظي؛ لما له من أثرٍ كبير في إشباع حاجاتهم المعرفية والعقلية والنفسية، وشد انتباههم للدرس.

ولكن هل تمت تهيئة الفصول الدراسية بتوفير الوسائل السمعية والبصرية الملائمة؟ حيث لم يعد التلقين أسلوباَ يتناسب مع العصر الذي أصبح فيه الطالب متمكناً من التقنية، وليس أدل على ذلك؛ نجاحه في الدخول إلى منصة (مدرستي) (وروضتي) وبرامج (عين)، فالمزج بين التقنية والتجارب الحقيقية، واستخدام الطفل التفكير الناقد والوصول إلى الاستنتاجات، يؤدي إلى تنمية مهاراته العقلية.. بل من الممكن اعتماد تدريس (طريقة منتسوري) في التعليم لرياض الأطفال، والتي تعتمد على اللعب، واستخدام الحواس، من خلال الأركان والأنشطة الرياضية والاجتماعية والرحلات التعليمية، وأجهزة تتناسب مع مدركاته الحسية والعقلية، ودور المعلم فقط التوجيه والإرشاد. نتمنى عودة آمنة وتعلُّم يُحقِّق طموحات وطننا الغالي، فهؤلاء براعم اليوم هم رجال مستقبلنا المشرق بإذن الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store