* من لم يُعاصر ما يقوم به محمد الحشري (المزارع السعيد) من عمل، وجهد كبير في مجال الزراعة، فإنه حتماً لن يهتم بما يقوم به، بل سينصرف إلى قنوات أخرى تناسب ذوقه (المودرن)، ولكن ذلك لن يحدث مع تلك الأجيال التي (عمِلت، وذَرَت، وحرثت، ودمست، وسقت، وصرمت، وداست، وذرّت) فإنها سترى فيما يقوم به اليوم الرائع الحشري شيئاً خارقاً للعادة، نعم بكل ما تعنيه تلك العبارة من معنى.
* تلك العادة التي تتحدث اليوم بلسان (الهجران) للزراعة، وواقع (بلاد) أصبحت بوراً، بعد أن كانت تشع حركة، وعطاء، ومحاصيل زراعية (بدون كيماويات)، أنتجت أجساداً قوية، في دواخلها قلوب تمتد شرايينها إلى ثرى الأرض حباً، وعشقاً، ومعنى وجود، وحياة.
* هُجرت الزراعة لأن (المدنية) كانت في سطوتها أقوى، وفي إغراءاتها أعمق أثراً، فكان (أن حسَّب الزَّراع) جسراً مهد لأن لا يزرع، ولأن (يحْقِل) الطلح في وسط تلك البلاد (مسقويها، وعثريها) في صورة لو قدر لمن (فادها) أن يعود للحياة فرأى ذلك لمات حسرة، وهو من قضى عمره في الحفاظ عليها، والاهتمام بها، فقد كان يرعاها رعاية العاشق، ويتمسك بها تمسك (الرَّجِيل) الذي يُضرب به المثل في العناية بأرضه، في مجتمع ينبذ (السيَّاب) الذي ترك أرضه تهاوناً، وكسلاً أو جرماً لا يغتفر بيعاً ونقل ملكية.
* لقد بعث المزارع السعيد منذ أول خطوة له في هذا (المجد) روحاً جديدة سرت في بدن الزراعة وشأنها، يفهم ذلك كل من يتتبع ما يقوم به من جهد، فمسألة أن تعيد (الزراعة) إلى الواجهة، وأنت ترى تلك المساحات الشاسعة من حولك (ميتة)، فأنت تُقدم على مغامرة تتطلب منك جهداً عظيماً، يفوق قدراتك المحدودة، فأنت فرد، ومن هجر الزراعة (مجتمع).
* بدأ محمد الحشري بناء مجده كاسم يُشار إليه اليوم بالبنان بطموح شاب ناجح، لا شك في أنه نظر للبلاد والزراعة من ذات المنظور الذي كان لدى الآباء والأجداد، وهو سر نجاحه، فما يتمتع به من روح، وعفوية، وعزيمة، وإصرار نسخة طبق الأصل مما كانت تنعم به تلك المزارع من رجال.
* لقد نجح (سفير برنامج ريف) المزارع السعيد محمد الحشري في أداء رسالته، واستحق أن يُكرم، ولكن دعونا نتجاوز مسألة تكريمه بدعوة أو وليمة أو درع أو شهادة، إلى حيث تكريمه من خلال (ديمومة) دعم الوزارة، والجهات المسؤولة له ولأمثاله من خلال تذليل كل الصعوبات التي تعترض طريقه، وكذلك تكريمه بدعم الشركات والمؤسسات الزراعية له، وصولاً إلى دعمنا نحن بشراء منتجاته، ونشر مقاطعه، والدعاء له بأن يمده الله بعونه، وتوفيقه، وأن يكثر من أمثاله.. وعلمي وسلامتكم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
