Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

بنوك البويضات عبث بالأنساب والجينات

A A
تستجد على المجتمع قضايا لها علاقة بجانب الحياة وهي بحاجة إلى فتاوى شرعية موثقة وفقًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقق المقاصد العامة للشرع الحنيف ولا تخرج عن أهدافه الكلية في حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل، إن حفظ النسب (النسل) من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها وأي طريقة تعمل على أن تكون سببًا في تضييع هوية النسب فهي محرمة شرعًا لذلك فإن مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السادس الذي عقد بتاريخ ١٧ شعبان لعام ١٤١٠هـ بجدة اتخذ قرارًا رقم (٥٩/ ٨/ ٧) نصه:

«زرع الغدد التناسلية: بما أن الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية للمنقول منه حتى بعد زرعه في متلقٍ جديد فإن زرعهما محرم شرعًا» فالحيوانات المنوية والبويضات هما المنوط بهما بعد الله في تكوين جنين الإنسان وهما منتجان حيويان يصنعان بعد الله بشرًا سويًا.

إن بعض المجتمعات لديها مسألة التبرع بهما مسألة عادية لذلك أوجدوا بنوكًا لها وللأجنة المجمدة ويمكن لاي رجل أن يتبرع بحيواناته المنوية، والمرأة أن تتبرع ببويضاتها، وهناك من يتبرع بالأجنة في مهدها لتكون أجنة مجمدة جاهزة إما للبيع أو الشراء أو للتبرع بهدف منح من ليس لديه ذرية أو عقيم أن يحظى بذلك التبرع وهو ما لا يقره شرع الله لأن النظام الاجتماعي الإسلامي نظام شامل ومتكامل ينظر إلى المحتوى البيولوجي على أنه يحمل روحًا ونفسًا وقلبًا وعقلاً وليس مجرد خلايا تتغذى وتتنفس، ومن هنا كان التقدير لهذا المحتوى وحمايته بأنظمة تحفظه من التلاعب فيه وأول هذه الأنظمة هي عدم اختلاط الأنساب بتحريمه للزنا وأن يكون التناسل ليس مثل الحيوانات إنما بعقد شرعي يحفظ حقوق انتماء الطفل لأهله.

إن آلية كل من الزنا والزواج للإنجاب واحدة لا يختلفان عن بعضهما من الناحية الميكانيكية البيولوجية لكن أحدهما حلال بعقد شرعي والآخر حرام بدافع شيطاني ومن هنا صيانة للنسل والنسب فإن أي طريقة لتكوين إنسان بدون عقد شرعي وتتسبب بأن يكون الجنين مجهول النسب وغير معروف من ناحية الأبوة البيولوجية بسبب أنه جنين مجمد أو جزء من تكوينه مجمد (حيوان منوي مجمد أو بويضة مجمدة)، بالتالي لا يمتون له بصلة لأنه مما تبرع به غيره أو اختلطت البويضات أو دخل في تركيبها شيء من إضافة الجينات فعليه يكون إنشاء بنوك للبويضات وللأجنة المجمدة عبثاً بالأنساب وفتح باب من أبواب تضييع الهوية البشرية لأنه لا يوجد أي عقد شرعي سواء من طرف الرجل الذي تم الاحتفاظ بحيواناته المنوية أو الأنثى التي تم الاحتفاظ ببويضاتها، وعليه أرى كمتخصص في علم الأجنة وأعرف تمامًا ما يمكن أن يكون لهذا الموضوع من عواقب سيئة أن يقفل هذا الباب تمامًا لأنها بنوك تبدأ بمقاصد يبررها البعض بهدف إنساني وتنتهي بواقع مرير يكفي أنه معصية لله، وعلينا أن نفرق بين ما تحتاجه عملية أطفال الأنابيب والتلقيح الاصطناعي من إجراءات تقنية كالحصول على البويضات والحيوانات المنوية لزوجين بينهما عقد شرعي وكلاهما على قيد الحياة وينتظران مولودًا بتقنية الإخصاب الداخلي أو الخارجي فلا شيء في ذلك وقد أقر بجوازه العلماء والمجامع الفقهية دون أن يكون هناك احتفاظ للبويضات أو الحيوانات المنوية في بنك لأشهر أو سنوات أو يتبرع بها لأحد أو للاحتفاظ بها كأجنة مجمدة بقصد استخدامها في المستقبل عند موت الزوج أو لأي أهداف أخرى ولو كانت نبيلة لأن هناك ارتباطاً بنسب محددة بالكيفية التي أمر الله بها في حياة الزوجين وعدم طلاقهما أو دخول زوج جديد في حياة الأم المحتفظة بأجنة مجمدة أو بويضات من عهد زوج سابق حيث ذلك كله يؤكد عدم الأبوة والأمومة البيولوجية بعقد شرعي ساري المفعول وتلك حدود الله فلا تقربوها أو تعتدوها ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store