Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

عودة وازدهار مدرسة «اشربوا من البحر» الصحفية

A A
يمكننا اليوم دون عناء أن نحدد ميول كل إعلامي في إعلامنا الرياضي سواء كان مذيعاً أو مقدماً أو محللاً في برنامج تلفزيوني، أو كاتب مقال في صحيفة مطبوعة أو إلكترونية.. بل ويذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك بكون برامجنا الرياضية وبعض صحفنا نفسها لا تخلو من ميول وانتماءات تجعلها محسوبة على أندية معيَّنة دون غيرها..

والسؤال هو: هل هذا الأمر طبيعي ومقبول، أم أنه يتصادم مع أبسط مبادئ العمل الإعلامي وأخلاقيات مهنة الصحافة؟..بمعنى آخر: هل يجوز للوسيلة الإعلامية أن تتحول إلى منبر -واضح أو مستتر- لتشجيع وتأييد فريق معيَّن، وأن تخصص وقتها ومساحاتها لأكثر الإعلاميين تطرفاً في تعصبهم لأنديتهم؟. دعوني في البداية أوضح لغير المتخصصين أن المقصود بالموضوعية هو «البعد عن الأهواء والمصالح الذاتية في التناول الإعلامي، والالتزام بحقائق الموضوع، والعدل والإنصاف وتجنب الانحياز في الحكم على الأشخاص والأحداث والقضايا»، وهي أحد أهم أسس مهنة الصحافة الجادة وعماد رئيس لأخلاقيات هذه المهنة.

بينما من ناحية أخرى يُعرف التعصب في اللغة بأنه «شعور داخلي يجعل الإنسان يتشدد فيرى نفسه دائماً على حق، والآخر على باطل أيَّاً كانت الحجة والبرهان»، وهو «دعوة الرجل إلى نصرة عصبته على من يناوئهم، ظالمين كانوا أو مظلومين».

ولا يختلف اثنان بأن كثيراً من المنتسبين لإعلامنا الرياضي تجاوزوا مرحلة التشجيع الطبيعي والمقبول إلى مرحلة التعصب، مما ينفي صفة «الموضوعية» عنهم، وبالتالي اعتبار أي رأي أو عمل إعلامي يصدر عنهم وتكون أنديتهم طرفاً فيه، يفتقد للمصداقية، وربما لأسس وأخلاقيات مهنة الصحافة. والواقع أن الإعلام الرياضي المتعصب ليس جديداً علينا، وسبق لي قبل ثماني سنوات أن نشرت مقالاً في هذه الصحيفة بعنوان: (مدرسة اشربوا من البحر الصحفية)، تحدثت فيه عن المقال الشهير الذي كتبه الأستاذ العزيز عثمان العمير قبل حوالى ثلاثين سنة، وكيف تحول ذلك المقال بشكل مؤسف ومدمر إلى «مدرسة» تتلمذ على خطاها كثير من الإعلاميين؛ الذين وجدوا في الإثارة المصطنعة أقصر وأسهل طريق للشهرة والانتشار.

صحيح أن هذه «المدرسة» يمكنها أن تحقق للإعلامي وللبرنامج الرياضي شهرة ومتابعين ونسب مشاهدة ومداخيل إعلانية عالية، ولكن هذا كله يكون على حساب المجتمع؛ الذي يدفع الثمن غالياً بسبب تقديم صورة مشوهة للعالم عن بيئتنا الرياضية، وخلق أجيال جديدة متعصبة رياضياً؛ تتم تغذيتها يومياً بقيم وقناعات سلبية، تعجز عن تقويمها كل أسس التربية والتعليم في البيت والمدرسة.. فهل أضحت الكرة الآن في ملعب وزارتي الإعلام والرياضة؟!.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store