Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

حوار تاريخي بين فيصل وديجول

شذرات

A A
ضمن مذكرات الدكتور معروف الدواليبي يُحدِّثنا عن اللقاء الذي جمع بين الملك فيصل بن عبدالعزيز - يرحمه الله - والرئيس الفرنسي شارل ديجول، حيث بدأ ديجول قائلاً: «يقول الناس يا جلالة الملك إنكم تنوون رمي إسرائيل في البحر، ولا يمكن أن نقبل بهذا الأمر بعد أن أصبحت أمراً واقعاً»، فكانت إجابة الملك فيصل: «أستغرب منك ما قلتَه يا فخامة الرئيس، هتلر احتلّ باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، فلمْ ترضخ للأمر الواقع، ولا الشعب الفرنسي رضخ، وأنا أستغرب منكم أن تطلب مني الرضوخ للأمر الواقع، وبالتالي فلا يمكن للاحتلال أن يصبح أمراً واقعاً».

أُعجِب الجنرال ديجول بسرعة بديهة الفيصل وقال: «يا جلالة الملك، يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي، وجدّهم إسرائيل وُلِد هناك!!»، فأجاب الفيصل: «فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متديِّن مؤمنٌ بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس.. أما قرأتَ أن اليهود جاءوا من مصرَ غزاة، حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول إنَّ فلسطين بلدهم وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون، وأنت تريد أن تعيد الاستعمار منذ أربعة آلاف سنة»!!

واستطرد الفيصل: فلماذا لا تعيد روما استعمار فرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط؟!، أتصلح خريطة العالم من أجل اليهود ولا تصلحها من أجل روما؟». قال ديجول: ولكنهم يقولون إن أباهم وُلد فيها!!، فأجابه الفيصل: عندك الآن مائة وخمسون سفارة في باريس وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس، فمسكينة باريس، لا أدري لمن ستكون؟.

صمت ديجول وضرب الجرس مستدعياً (بومبيدو)، وكان جالساً مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز ورشاد فرعون في الخارج، وقال ديجول: «الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السلاح المصدَّر لإسرائيل».

ويقول الدواليبي إن إسرائيل كانت تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية، ويروي الدواليبي أنه حين عودة الملك فيصل إلى الظهران في أعقاب المقابلة، استدعى رئيس شركة التابلاين الأمريكية وقال له: إن أي نقطة بترول تذهب لإسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم، وتم قطع البترول بعد أن علم بمساعدة أمريكا لإسرائيل، وقامت المظاهرات في أمريكا ووقف الناس في صفوف أمام محطات البنزين وهتفوا: «نريد البترول، لا نريد إسرائيل».

ظلَّ الفيصل على هذا النحو حتى استُشهِد وهو يدافع عن قضايا العرب والمسلمين.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store