Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

هل لديك (أموال) أخرى؟!

A A
عاد الموظف البسيط ذو الدخل المحدود من عمله مجهداً، ولشدة فرحه بنزول الراتب، وإنهائه كافة المعاملات وتقفيله الشهر بنجاح، أسند رأسه المتعبة للكنبة وأخذ يقلب بالريموت القنوات الفضائية، وفجأة؛ سمع جرس الشقة يدق بعنف، وما أن فتح حتى وجد مجموعة من الملثمين، وشعر برذاذ بخاخ بارد ينهال على وجهه، لتظلم الدنيا بعينيه!

حين أفاق وجد نفسه بغرفة مهجورة، ذات إنارة خافتة، يتوسطها الكرسي الخشب الذي يجلس عليه، وطاولة مستديرة يعلوها الغبار، وتجلس حولها نفس المجموعة الملثمة؛ أين أنا، ومن أنتم وماذا تريدون مني؟!

كرر أسئلته الحائرة هذه عدة مرات، لكن لم يجبه أحد؟! فجأة ارتعد من شدة ضرب أحدهم على الطاولة، قبل أن يدفع اللمبة المتدلية من السقف ويسأله بصوته الجهوري؛ نحن فواتير الخدمات أحضرناك لهذا المكان المقطوع، من أجل تسجيل اعترفاتك حول تعمدك تقليل الاستهلاك منذ مدة طويلة، مما كبدنا خسائر كبيرة، فما هو ردك؟!

ليجيبه منكراً؛ الكلام هذا غير صحيح، ولم أتعمد تقليل الاستهلاك، وخطفكم لي بهذه الطريقة، جريمة كبرى ستعرضكم للمساءلة القانونية!

هنا ضحكت فاتورة الكهرباء قبل أن تتنحنح وتسأل: إذاً لماذا أصبحت تطفئ مكيف غرفتك وغرفة الأولاد؟!

ليجيب واثقاً؛ لأن الأجواء صارت باردة مع دخول فصل الشتاء.. لتصرخ بعدها فاتورة الماء مستوضحة؛ هل صحيح أنك تقفل العداد مع بدء الصب وتفتحه قبل الانتهاء لتظهر الفاتورة أقل، ليجيبها متلعثماً؛ لا لا، لم أفعل ذلك أبداً، مع أن هاجس الفواتير الضخمة لا زال يؤرقني كبقية المشتركين!!

هنا صدحت ضحكة شريرة من آخر الغرفة لتتضح أنها (شركة اتصالات) قبل أن تسأل ساخرة: وحضرتك ليه ماخذ شرائح الزوجة والأولاد كلها مسبقة الدفع، ولا عمرك شحنتها بريال، ومستفيد من باقة إنترنت قديمة مخفضة؟! ليتلعثم هنا ويبدأ يقر بكل أفعاله المرتكبة؛ نعم تعمدت فعل كل ذلك من أجل ترشيد مصروف البيت من كهرباء وماء وفواتير لأن القرض البنكي لا يبقي من راتبي إلا القليل، وأريد سداد قرض شخصي، لكن أعدكم بالكف عن ذلك مقابل إطلاق سراحي هذه المرة لأن ورائي كومة عيال.

هنا شعر الرجل بيد تهزه وصوت ليس غريب عنه، قبل أن يكتشف بأنها زوجته؛ قم قم..، ليفيق من كابوسه مذعوراً ويخبرها بحلمه، لتستلمه هي الأخرى؛ وأنا أقول وش معك اختلفت عليه؛ وين كنت البارح الساعة ١٢، وليه كل شهر تقول بأوديكم السوق ولا تودينا، وليه ما غيرت الأثاث، وما صلحت حنفية المطبخ، وليه ما قد عزمتنا كما الخلق في مطعم برا!! هنا قاطعها الزوج قائلاً: خلاص يالنقمة، وش هذا التحقيق كأنك من لجنة تقصي الحقائق، ما ناقص إلا تسألي؛ (هل لديك أموال -أقصد أقوال- أخرى)؟! خليني الآن يمكن العصابة ترجع تخطفني وأرتاح منك، وفجأة سمع جرس الشقة يدق بعنف، وما أن فتح وأغمض عينيه مبتسماً منتظراً رذاذ البخاخ البارد، حتى تفاجأ بصاحب العمارة أمامه ناهراً: غريبة فتحت الباب، أثاريك توقف سيارتك بعيد وتتسحب وتطلع، اسمعني أقولك؛ معك يومين يا تدفع الإيجارات المتأخرة يا تخلي الشقة!!


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store