Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

مفاتشة رمضانية في كنوز الطنطاوي المعرفية

شذرات

A A
حين نتحدث عن الشيخ الجليل علي الطنطاوي -رحمه الله- فنحن نتحدث عن قامة جمعت فنون العلم والأدب، ونجم من نجوم الدعوة، استحق عن جدارة ذلكم اللقب الكبير الذي حمله الجاحظ يوماً وهو: «فقيه الأدباء، وأديب الفقهاء».

هذا القاضي الفقيه والخطيب المفوّه والمصلح الاجتماعي علِق في ذاكرتنا وقارُ شخصيته حين كان يطل علينا لعقود خلتْ على شاشات التلفزيون مقدماً كنوزه المعرفية على موائد إفطار رمضان.. وبأسلوبه البديع كان يقدم حصاد فكره بعبارات قريبة من فهم المثقف والعامي.. لعل ما كان يلفتنا في شخصية هذا الفقيه قوة ذاكرته وتوقُّد ذكائه وقدرته العجيبة على استقطاب مستمعيه.. والتي تجلّت في برنامجيه: «مسائل ومشكلات» عبر الإذاعة، و»نور وهداية» من خلال التلفزيون، وكذلك برنامجه الشهير: «على مائدة الإفطار». كما لفت نظرنا نزوعُه لنصرة المرأة، مقدِّماً نموذجاً رائعاً للأب الفاضل والمربي الرحيم، فلُقِّب بناصر المرأة.

وقد اطلعت مؤخراً على كتيب له عنوانه: «يا بنتي» وهو عبارة عن مقالة طُبعت عشرات المرات يقدم من خلالها حزمة من النصائح للبنات، ومما جاء فيه: «لو عرفتِ أن الرجال جميعاً ذئاب وأنت النعجة لفررتِ منهم فرار النعجة من الذئب..»، ويقول: «الرجل يريد منك: عفافك الذي به تشرفين وبه تعيشين، وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها أشد عليها بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها..»، ويضيف: «لا تصدقي أن الرجال لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها وأنهم يكلمونها كلام الرفيق ويودونها ود الصديق، كذبٌ والله... فما يبسم لك الشاب بسمة ولا يلين لك كلمة ولا يقدم لك خدمة إلا وهي عنده تمهيد لما يريد». ويقدم الشيخ الطنطاوي مقارنة بين خطأ الشاب والبنت فيقول: «الشاب يغفر له المجتمع ويقول إنه شاب ضلَّ ثم تاب، أما أنتِ فتبقين في حمأة الخزي والعار طول العمر».

لقد قدّم شيخنا الجليل من النصائح للفتيات لكي يتحصنَّ بها وسط مشاهد الانفتاح التي سادت المشهد العربي، وأسقطت أخلاق الكثيرين في مستنقعات الانحلال والفساد.. وقد ختم قائلاً: «اعلمي أن بيدك أنتِ مفتاح باب الإصلاح، فإذا شئتِ أصلحتِ نفسكِ وأصلحتِ بصلاحك الأمة كلها».


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store