Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أعرف اسم “أمك”

عبارة قوية كانت تثيرنا ونحن صغار عندما يمازحنا بها الكبار أو يغيظوننا بها فنشعر بالحياء والخجل أن يعرف الآخرون أسماء أمهاتنا، وفي ذلك إهانة لنا، وأيما إهانة، ذلك ما كنا نعتقده ويعتقده المجتمع الذكو

A A

عبارة قوية كانت تثيرنا ونحن صغار عندما يمازحنا بها الكبار أو يغيظوننا بها فنشعر بالحياء والخجل أن يعرف الآخرون أسماء أمهاتنا، وفي ذلك إهانة لنا، وأيما إهانة، ذلك ما كنا نعتقده ويعتقده المجتمع الذكوري من حولنا في أيام الطفولة والصبا، وقد اعتقدت أن أمثال تلك المعتقدات التي ما أنزل الله بها من سلطان قد ولت إلى غير رجعة مع التقدم العلمي والثقافي للمجتمع وانتشار العلم والوعي بين أفراده، ولكن خاب ظني حيث لاحظت رسالة SMS تداولتها الجوالات قبل فترة وتحمل شيئًا من الطرفة وتقول الرسالة: إذا أردت أن تخيف الياباني فقل له سُرق اختراعك وتواصل النكتة الحديث عن نقاط الضعف أو مصدر الخوف لشعوب عدة حتى تصل إلى السعودي فتقول إذا أردت أن تخيف السعودي فقل له (أعرف اسم أمك) قلت سبحان الله أما زالت هذه الفوبيا لدى الإنسان السعودي لدرجة أنها عادت لتصبح (نكتة) متداولة، فراجعت ودققت ما حولي من تصرف كثير من جنس الرجال شيبة وشبابًا وأطفالًا لموضوع ذكر أسماء أمهاتهم فوجدت أن ذلك صحيحًا (مع الأسف) بين السواد الأعظم منهم، فالطفل منذ نعومة أظفاره يتعلم من والديه أن التصريح بذكر اسم والدته أو أخته أمام أقرانه (عيب)، لاحظ عيب، ولا ندري ما العيب في ذلك..؟! وأذكر أن أحد الزملاء حين طلبت المدرسة من ابنه صورة بطاقة العائلة طلب من والده حجب اسم والدته وأخواته من صورة البطاقة قبل أن يرسلها للمدرسة، فأخذه والده بالإقناع بأن هذه وثيقة رسمية لا يمكن التلاعب فيها بالإزالة أو الكشط وإلا اعتبر ذلك تزويرًا.تلك قصة طريفة حصلت لزميل لي مع ابنٍ له في المرحلة الابتدائية لا غير، توضح عمق هذا السلوك لدى غالبية الرجال السعوديين، حتى طفل الابتدائية يصاب بالهلع ويخشى أن يذكر اسم أمه أو أخته أمام أقرانه أو مدرسيه. حتى الكبار منا لديهم تلك (الفوبيا) فيندر أن يستطيع رجل بالغ راشد أن يذكر صراحة اسم أمه أو زوجته أو أخته أمام زملائه، ويكتفي بقوله الوالدة أو أم فلان عن والدته أو زوجته، والويل كل الويل لمن عرف أحد زملائه اسم أمه، فيعّيره أو يمازحه بذلك أمام زملائه، هذا ما يظنه ويخشاه كثير من الرجال السعوديين، وهي أشبه لديهم (بالفوبيا) لا فرق في ذلك بين المتعلم والجاهل والمتدين وغير ذلك، والصغير والكبير والحضري والبدوي.استرجعت وعدت لنفسي وقلت سبحان الله، ما سبب تلك المخاوف أهي من الدين..؟! كلا، فلم يمنع الدين ذكر اسم المرأة، ألم يذكر القرآن الكريم مريم عليها السلام بالاسم، ألم ندرس في السيرة النبوية المباركة أدق التفاصيل شاملًا الاسم بالكامل لأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن أجمعين وبقية الصحابيات الجليلات، ألم تؤلف الكتب في سيرة السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أو السيدة الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، وكذلك السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.. وآلاف الصحابيات الجليلات التي كُتبت فيهن كتب السيرة قديمًا وحديثًا..؟! فليس الحياء من ذكر اسم المرأة من الدين في شيء، فإذًا هي عادة اجتماعية سيئة كبرنا عليها ونشأنا عليها وتغلغلت فينا، وأصبحت لازمة لأجيالنا تربية وسلوكًا ونشأةً، حتى بطاقات دعوة الأفراح نخجل من التصريح بذكر أسماء بناتنا فيها، وكأنهن نكرة أو أسمائهن عورة، وتلك والله لتحتاج منا إلى توعية وثقافة وإعادة توجيه، وإلا ما فائدة العلم والثقافة والوعي الديني ومازالت عادات اجتماعية تتحكم فينا..؟! وإن خالفتني فأنا أعرف اسم أمك.. هاهاها.amohorjy@kau.edu.sa

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store