Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

العشرة الزوجية في نظام الأحوال الشخصية

A A
‏الزواج هو الفطرة الإنسانية منذ أن خلق الله آدم وحواء عليهما السلام، فقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا). فالزوجة هي السكن للزوج، والقلب الذي يحوي جميع أفراد الأسرة، وقد استوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بالنساء فقال: «استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلقت من ضلع أعوج فإذا ذهبت ‏تقوّمه ‏كسرته ‏وإن تركته لم يزل أعوج». وفي الأمر استعارة وتشبيه بليغ في معاملة المرأة بالحسنى، وأن تقويمها ‏هو كسر لشخصيتها ونفسها.

وفي حديث آخر يُصرِّح (رفقاً بالقوارير)، وشبَّهها بذلك لرقَّتها، والحث على التعامل معها برفق. ولا ننكر أن الخلافات الزوجية تحدث بين أي زوجين، ولكن يجب ألا تتجاوز حدود التقدير والاحترام، فإذا تجاوزت ذلك، فإن هناك خللاً كبيرا يُسبِّب تصدعاً في العلاقات الزوجية، وإصلاح ذلك أمر ضروري، وإلا ستتحول الحياة إلى جحيم.

‏‏ومع أن القاعدة الإسلامية في الزواج تقول: «إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه..»، ولكن للأسف ‏غالباً يُؤخذ بالظاهر من السلوك، وأما الخفي ‏فلا يظهر إلا بالمعاشرة الزوجية، وهنا قد تُصدم المرأة بزوجٍ نكدي «سليط اللسان»، يقذف شتائمه وإهانته لها بصورةٍ لا تليق بمكانتها ‏وكرامتها..!

‏وقد تصبر على ذلك سنوات، وهذا خطأ جسيم يجعله ‏يتمادى في غيِّه ‏وغطرسته، والصحيح إيقافه عند حده منذ بداية المشوار؛ ويعتبر علماء النفس مثل (ماسلو) أن الحاجة للتقدير والحب من الحاجات الأساسية للفرد، حتى أنها تلي الحاجة للطعام والشراب والعلاقة الحميمية، وفي حالة فقدان المرأة لها؛ تكون سبباً قوياً في هروبها إلى عالمٍ آخر، تجد فيه العطف ‏والحب والاحترام، نتيجة للفراغ العاطفي الذي تعيشه، والتعويض عن ذلك. ‏وقد اطلعت على نظام الأحوال الشخصية الجديد، وحقيقةً فقد تضمَّن العدالة وإعطاء الحقوق، سواء للزوجة أو الزوج أو الأبناء، واشتملت على (260 مادة) في الزواج، والنفقة، والطلاق، وفسخ العقد، والوصاية، والحضانة.. وغيرها.

وقد تحدثت (المادة 42) عن الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين وهي:

١- ‏المعاشرة بينهما بالمعروف، وتبادل الاحترام والمودة والرحمة.

٢- تجنُّب إضرار أي منهما بالآخر مادياً ومعنوياً. وعدم تطبيق هاتين الفقرتين؛ تدخل ضمن العنف الأسري الذي تُعاقب عليه المحاكم، وجمعيات حقوق الإنسان؛ مع أن الرسول الكريم يقول: «ما أكرمَ النِّساءَ إلَّا كريمٌ ولا أهانَهنَّ إلا لئيمٌ». لذا فإنه على السيدة التي تتعرض للعنف البدني أو المعنوي، من حقها التقدُّم بشكوى للجهات المختصة.

كما تناولت (المادة 58)، السكن، ونصَّت إحدى فقراتها على: «‏أن تسكن الزوجة في مسكن الزوجية المناسب». وفي بداية الحياة الزوجية قد تسكن الزوجة بغرفتين أو ثلاثة، ولكن من حقها وبعد مرور 25 سنة أن تُطالب بسكنٍ يليق بها، وبدخل زوجها، الذي ربما تضاعف عشرات المرات، دون أن يُبادر إلى تحسين وضع حياة زوجته وأبنائه الذين شبَّوا، ومن حقهم توفير الحياة الكريمة لهم، وألا يبخل عليهم بما يُرفِّه ‏به نفسه، من سيارات فخمة، ومظاهر خدَّاعة.! فالمسكن الواسع من سعادة الإنسان، وضيق الدار يُضيِّق الصدر، ويكون سبباً قوياً في مشاكل متنوعة.

وفي الفصل الرابع جاءت البنود الخاصة بفسخ عقد النكاح، ومنها: إثبات حق المرأة في فسخ عقد الزواج بإرادة فردية، وتمكينها من توثيق العقد، حتى مع عدم موافقة الزوج في العديد من الحالات منها: (المادة 111) «تفسخ المرأة عقد الزواج بناء على طلب الزوجة، لإضرار الزوج بها بيناً».

وبالرغم من ‏التعاسة التي تُصيب الأبناء من انفصال الوالدين، ودخولهما ربما في أمراض نفسية، كالاكتئاب والقلق وثنائي القطب.. وغيرها، بل ربما يمتد إلى الانحراف السلوكي والأخلاقي، في ظل غياب التربية الوالدية السليمة؛ ولكن تظل أهمية المعاشرة بالحسنى، فلا مجال لاضطهاد المرأة وتضحيتها أكثر؛ فمعاشرةٍ بمعروف، أو مفارقة بإحسان، هو مبدأ من مبادئ الشريعة الإسلامية.

فهل يعي الغافلون عن أحكام الدين؛ كيفية معاملة الزوجة حتى تستقيم الأسرة التي هي أساس المجتمع، فإن صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع؟.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store