Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

شعر الحب السريالي

A A
الفن السيريالي يتسم بالغموض، ومن النكت اللي توضح هذا المفهوم أن فناناً سيريالياً شارك في معرض للرسم بلوحة -عبارة عن مربع فارغ- أسماها «البقرة والأعشاب».. أحد الزوار وقف عند هذه اللوحة يتأمل لأكثر من نصف ساعة ولم يفهم سبب التسمية، فنادى الفنان الذي رسمها وقال له: أين الأعشاب؟ وأين البقرة؟ فأجابه الفنان السيريالي: الأعشاب أكلتها البقرة وبعد ذلك ذهبت البقرة بحال سبيلها! فكيف يمكن للمتذوق لمثل هذا الفن الغامض أن يتخيل كل تلك الأشياء داخل مربع فارغ؟ والحب السيريالي غامض مثل ذلك.

الحب السريالي يصعب فهمه بسبب غموض أحاسيسه ومشاعره، واليوم نتذوق جانباً آخر من السريالية من خلال الشعر، ولنتخيل شاعرًا سرياليًا يعبر لمحبوبته عن مشاعره المرهقة، من خلال هذه القصيدة النثرية المسماة: أتذكرين؟!

أتذكرين يوم كنا ولم نكن في غابر السنين؟

يوم رمانا الموج بأدغال الغابات والبساتين!

سطع على شمسك الغائب

في ظلام الكون الدامس

وغير حياتي في هذا الزمن البائس

وحلق حبنا فوق الرياح وأجنحة العناكب

وصار يسبح في الصحراء بدون أشرعة المراكب

كنا نشرب قهوتنا وأنتِ حالمة

و(البعارين) حولنا ضاحكة وهائمة

صوتك العذب يذكرني بتغريد السلاحف وصهيل القطط في سكون الليل الخائف

معك أرى الدنيا ورود الرياحين

وأشم القرنفل برائحة الياسمين

حبك أنعشني وجعلني أفطر أحلى عشاء

في مطعم الرومانسية لم أبالِ بالغلاء

سنتجه بحبنا الحالم نحو القمر

بعيدًا عن الحجر والشجر والبشر.

نستنتج مما سبق أن الشاعر السريالي كان عاجزاً عن التعبير والوصف، لتزاحم المعاني بخياله، ولتدفق مشاعر الحب الفياضة بداخله، فتكرم على من يحب بتلك اللوحة الشعرية وطار بحبه نحو «القمر» وإلى أن يهبط ذلك الحب من فوق «القمر» ونجد «مكوكاً فضائياً» يعيده إلى كوكب «الأرض» لكي نفهمه، وإلى أن تحل تلك الساعة المنتظرة لفك طلاسمه، سنجد البشر الطبيعيين عاجزين عن فهم ذلك الشعر «أو الشعير» وفك رموزه العجيبة.

أخيراً أعترف بأني عاجز عن فهم «الرومانسية السريالية» رغم قراءتي في علم النفس بفروعه المختلفة، ورغم عرضي ذلك الشعر على خبراء اللغات الحية والميتة في العالم.. والذي يفهم تلك القصيدة «العصيدة» يفهمني.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store