Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

أوكرانيا روسيا.. وتايبيه الصين!

A A
ليس سرًّا ولا توقعًا أن الصين الشعبية مصممة ومزمعة على استعادة الصين (الوطنية)، تايون.. وتزداد وتيرة احتمال تحرك الصين، أسوة بروسيا بحربها على أوكرانيا لتصحيح مسار التاريخ الذي يختلف فيه المعلِّقون.. ولأن التاريخ يكتبه الأقوى المنتصر، يتوقَّع أن الصين الشعبية متريثة لما سيسفر عنه الصراع المحتدم بين روسيا وحلف الأطلسي لاتخاذ الخطوة الأولى وبدء الصراع.

عادت بي الذاكرة وأنا أستمع وأرى ما يتناوب به المعلقون هواة وخبراء إلى يناير عام 1970 ولقائي رئيس إدارة المراسم (البروتوكول) في وزارة الخارجيَّة التايوانيَّة، وكنت آنذاك قد وصلت تايبيه قائمًا بأعمال المملكة بالنيابة.. وسبق لي أن أرسلت للخارجية التايوانية مذكرة بوصولي، ومباشرتي العمل، وطالبًا تحديد موعد لزيارة مجاملة لرئيس إدارة المراسم.. انتظرت أيامًا دون تسلمي جوابًا.. وبعد تجديد الطلب، أعطيت موعدًا في فجر يوم قبل شروق الشمس بساعة...!

وبالفعل استجبت والتقيت رئيس إدارة البروتوكول في مكتبه وعليه العديد من الملفات والمعاملات التي بسببها، كما ادعى تأخر في تحديد موعد الزيارة.

كان الوضع -كما أخبرني- مع حكومة البرِّ الصيني الشيوعي جدَّ مقلق، وأنه يتابع تطوراته ليل نهار.. ولمعرفتي شغفه بالسيجار الكوبي، قدمت له علبة سيجار (كوهيبا).. شكرني ممتنًا واسترسل في الحديث، وأبدى استعداده لتلبية طلبي بتحديد مواعيد فورية للقاء الوزراء وكبار الشخصيات الرسمية وتحديد وقت لإقامة حفلات تعارف وتبادل وجهات نظر.. وأضاف بأن زوجته ستتصل بزوجتي لمساعدتها ومرافقتها لزيارة الأسواق ومعالم المدينة.. وتابع بأنه سيرتب لي رحلة إلى خط المواجهة مع (البرِّ الصيني) لأشاهد بنفسي ما تعانيه بلده من الشيوعيِّين! وبالفعل، تمَّ ذلك وأخبرت بموعد الزيارة، والتقيته في قاعدة جوية لأشاهد الواقع على خط التماس، وبرفقة عدد من الضباط لشرح الوضع العسكري.. انتظرت في القاعدة قرابة الساعة، لأخبر أن الطيران في ذلك اليوم لم يكن آمنًا، وأُعطيت موعدًا آخر، وأقلتنا طيارة مروحيَّة (هيلوكبتر) عسكرية، واستمعت إلى شرح قائدها.. وبأنَّه سيحلِّق على ارتفاع منخفض قريب من سطح البحر، لذلك ارتديت سترة واقية من الغرق، وبها علبة تفتح في حالة سقوط الطيَّارة في البحر.. وتحتوي مادَّة تبعد حيتان القرش المفترسة.. بعد قرابة أربعين دقيقة طيران، هبطت الطيَّارة في جزيرة مقابلة (البرِّ الصيني).. هناك دخلنا القاعدة الحربيَّة، ومنها شاهدت مجموعات من جنود الفريقين المتقابلين يتبادلون الردح والسباب والشتم عبر مكبِّرات الصوت ويرمون حمم مدافعهم في البحر.

عدنا من حيث أتينا، مزدادًا قناعة من تدهور الوضع طال الزمان أم قصر، بأن حكام الصين الشعبيَّة، حسب المنطق ومسار التاريخ، والاستعداد الحثيث، سيقدمون على اتخاذ الموقف المواتي في إبَانه، وإنهاء مسلسل جزيرة (الصين الوطنية) التي هي في واقع الأمر (منتجع مسلح) لجنود من الجيش الأمريكي يقاتلون الشعب الكوري.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store