Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

التسرب المدرسي: مؤشرات تستحق التوقُّف!

شذرات

A A
في تقرير للبنك الدولي عام 2018م، يظهر أن 10% من فتيات العالم لا يكملنَ تعليمَهن الابتدائي، و25% منهن لا يكملنَ تعليمَهنَّ الإعدادي، وقد لوحظ أن هذه النسبة تزداد في البلدان منخفضة الدَّخل.

على النطاق المحلي، لا تتوفر إحصاءات دقيقة عن تسرب الفتيات من التعليم في مختلف المراحل إلَّا أنَّ بعضَ الأسباب المعلومة تسهم بشكل جلي في حدوث التسرب، منها على سبيل المثال لا الحصر: الزواج قبل سن 18 عاماً أو الحمل والإنجاب قبل هذه السن. هناك أسباب أخرى تحتاج إلى المزيد من التأمل، منها التسرب لأمور تتعلق بتكاليف التعليم، ومنها وسائل النقل وكلفة الزي المدرسي والوجبات الغذائية، هذا إذا افترضنا أن المدارس الحكومية لا تفرض رسوماً دراسية، والمدارس الأهلية لها تبعات وتكاليفُ أخرى.

هناك من الآباء من يرى أن تكرار رسوب ابنته في الاختبارات يغلق أمامهم كل الخيارات ولا يبقى لهم سوى البحث عن الشخص المناسب لتزويجه ابنتهم.. وهنا تبدأ العودة الى المربع الأول في التسرب وهو الإقدام على الزواج المبكر، والتبعات المترتبة على هذا الإجراء المُضر بالفتيات وبالمجتمع ككل.

إن العالم تكتنفه العديد من القضايا الجوهرية التي تؤثر في مسيرة البُلدان، لعل في مقدمتها التضخم المالي، البطالة، قضية الفقر وغياب العدالة، العنف والجرائم، الفساد المالي والسياسي، الرعاية الصحية والتعليم، التغيير البيئي، الإرهاب، النزاعات العسكرية بين بعض الدول، التطرف، وغير ذلك من الموضوعات التي تشغل الأوطان.

كل دولة تضع ترتيب أولوياتها وفق القضايا المشار إليها آنفاً، إلَّا أن التعليم في بلادنا وضعته الدولةُ في مقدمة أولوياتها، وما زال هذا القطاع يستحوذ على درجة كبيرة من الإنفاق في ميزانية الدولة، وقد أُزيح مؤخراً العديدُ من العوائق التي كانت تقف حجر عثرة أمام إصلاح التعليم، إلَّا أنَّ المشوارَ أمامنا ما زال طويلاً، وفي كل يوم تشرق فيه الشمس يتم إضافة لَبَنَاتٍ جديدة وخطواتٍ تصحيحية إلى المسيرة المباركة للتعليم في بلادنا، ولا مجال للعودة الى الوراء.

وإذا كان كل وطن يرتِّب أولوياته -كما ذكرتُ سابقاً- فإن قطاعَ التعليم الذي اختير على رأس الأولويات في الوطن في حاجة لإعادة ترتيب معالجة قضاياه لتسير جنباً الى جنب في مواكبة التغيير الإصلاحي الشامل للتعليم وتوجيه عناية الدارسين والباحثين لمعرفة ما يعطل هذه المسيرة أو يكدر توجهاتها. تسرُّبُ بعض الطالبات من التعليم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ليس قضيتنا فحسب بل إن هناك تسرباً في صفوف المعلمات بطلب التقاعد المبكر في مراحل التعليم المختلفة، وهي ظاهرة بدأت منذ ربع قرن وما زالت مؤشراتها تنذر بشيء يستحق البحث فيه واستدراك ما يمكن استدراكُه.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store