Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

العُمر.. رقم «بيولوجي»!!

A A
«العمر ليس إلا رقم».. هل هذه العبارة صحيحة على إطلاقها أم انها مقيدة؟ ولماذا عادة من يتشبث بهذه العبارة كبار السن خاصة النساء ويتخذن منها ملاذًا لإخفاء حقيقة أعمارهن وإظهار صغر سنهن؟ إن العبارة صحيحة في ذاتها وليس على إطلاقها أي أن الذي عمره عشرون عامًا فرقمه هو هذا (٢٠) والذي عمره خمسون فرقمه هو (٥٠) والذي عمره سبعون فرقمه هو (٧٠) إلا أن الفرق بينهم في الإمكانيات والقدرات البيولوجية الممنوحة من الله لكل واحد منهم في عمره مختلف، فمثلا السيدة التي عمرها سبعون لا يمكن بيولوجيًا وهي القدرة الممنوحة لها من الله أن تنجب بينما التي عمرها ثلاثون يمكن أن تنجب وتنجب وتنجب وكذلك ملامح الوجه والشعر والبصر والسمع وعدد من الصفات البيولوجية وكذلك عند الرجل السبعينيي ليست كالرجل الفتوة والقوي أبو أربعين سنة هذا في حالة الاثنين في صحة وعافية، وهنا يكون السؤال لماذا يكون هناك من كبار السن من يبدو في عافيته وصحته فنظره وسمعه وأسنانه وقلبه وقوته أحسن حالا ممن هو أصغر منه كثيرًا؟ لاشك أن هناك عوامل متعددة وليس عاملا واحدًا هي التي حفظت صحته ومن تلك العوامل:

- التركيبة الوراثية المستلمة من والديه والإرث الوراثي للعائلة.

- نمط أو نظام الحياة الغذائية التي قام عليها والمقصود من ذلك ما يتلقاه من تغذية تحتوي على متطلبات أساسية لحياة الخلايا على تنوعها وتعددها.

- الاحتواء الاجتماعي وهو الوسط الذي يعيشه منذ نعومة أظافره الى حين بلوغه سن متقدمة وهو يشمل تربية الوالدين وعنايتهم والزوجة وعنايتها بزوجها والعكس الزوج واهتمامه بالزوجة والمحيط العائلي وهي الأسرة الممتدة ثم العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء والزملاء والجيران.

- الارتياح النفسي وأوله دعم النفس بالنوم المريح وثانيه خلو الحياة من المنغصات النفسية وثالثه الدعم اللوجستي للنفس من خلال بناء العلاقات ومواجهة التوتر والخوف والقلق ومستجدات ما يؤثر على النفس بالتوجيهات الصحيحة بعيدًا عن الإفراط والتفريط.

- التغذية الروحية وهي مكون أساسي غير مرئي يحتاجه كل إنسان والدراسات الروحية تحاول أن تقدم للروح شيئًا من التغذية من خلال طقوس بعض الديانات والتي تلبسها أحيانًا معاني مثل التأمل والارتياح الروحي عبر رياضات مختلفة مثل اليوجا وغيرها لكن الله من على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بتغذية روحية كاملة من خلال ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم والصلاة والدعاء والعلاقة بالله سبحانه وتعالى.

- القناعة والرضا بما كتبه الله من رزق مالي أو بنين شهود أو وظيفة أو صحة أو مرض أو راحة بال من عدمه فكلما كانت النفس راضية انسكب في داخلها ما يريحها من الله وهي السكينة التي ينزلها الله على القلوب فتتخلى بها النفوس فيعيش صاحبها بحب من الله ويتحقق قوله تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه).

إن العمر أي كان حسابه أو اعتباره في الأخير هو خانة رقمية «بيولوجية» أكثر من أنها «عددية» فمن تعامل معه على هذا الاعتبار حل التفاؤل في قلبه وعاش زمانه وسعد بحياته ووظف طاقته للتعامل الصح مع عمره وما تبقى منه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store