Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

الجامعة ليست (شرطاً)..!

صدى الميدان

A A
* القبول في الجامعة حلم كل طالب في مواصلة مشواره التعليمي، وهذا حق مشروع، حيث إن التعليم الجامعي يتيح للطالب والطالبة فضاءً رحباً في خيارات التخصص، هذا إذا ما وُفِّق الطالب في أن يحصل على تلك الرغبة، التي غالباً لا تتحقق تحت ذريعة (الاكتفاء).

* وعلى أبواب القبول الجامعي ينقسم الطلاب إلى ثلاثة فئات، الأولى والثانية حالفهما التوفيق في أن تحصل على رقم جامعي، وُفِّقت الأولى فيما ترغبه من هدف القبول، بينما (صُدِمَت) الثانية بتسكينها في تخصص لا ترغبه، وليس لها مع ذلك إلا القبول، رغم ما يكتنف ذلك من عناء مواصلة المشوار في تخصص لا مستقبل له حسب معطيات حاجة سوق العمل.

* بينما الفئة الثالثة يتوقف بها الحال عند الشهادة الثانوية، حيث ولأسباب مختلفة لم تُوفَّق في أن تحصل على مقعد جامعي، هذه الفئة ترى أن (مستقبلها) قد توقَّف هنا، ولم يعد لها فيما تأمله من مستقبل أي نصيب، وهذا هو التصور الخاطئ، الذي يدفع كثير من الطلاب والطلبات ضريبته من أعمارهم، وذلك نتيجة لما أصابهم من يأسٍ وإحباطٍ، رغم أن الكثير منهم (متميز)، وبإمكانه أن يُحقِّق حلمه في ميدان آخر، سيما أنه ليس من المعقول أن تستوعب الجامعات كل خريجي المرحلة الثانوية.

* وهذا ما يجب أن يدركه جميع الآباء والأمهات، الذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في أن يقفوا مع أبنائهم، الذين لم يحالفهم التوفيق في القبول الجامعي، فهم بذلك يعيشون في مرحلة (صعبة)، هم معها في أشد حاجة إلى من يقف بجوارهم، ويبحث معهم فيما يمكن من خلاله تحقيق طموحهم، فلا أصعب على الطالب من ذلك الواقع الذي يبدأ فيه العام الدراسي، ويجد نفسه (أسيراً) لواقع جديد حيث العزلة، وكأن الحياة انتهت عندما لم يُقبل في الجامعة.

* إنها مرحلة حساسة، وصعبة، يدركها كل أب مر مع أحد أبنائه بنفس التجربة، وأذكر هنا أن أحد الآباء بعد أن تيسَّر لابنته اللحاق بالقبول في الجامعة في الفصل الثاني، لم تستطع أن (تتكيف) مع متطلبات هذه المرحلة، ولأنه قريب منها، وبعد تقييمه لها، وجد أن من (الهدر) أن تستمر، فلن تذهب أبعد مما وصلت إليه، فوافقها على (الانسحاب)، إلا أن مهمته لم تتوقف هنا، وإلا لانتهى مستقبلها التعليمي، فكان تحفيزه لها، وأنها قادرة على أن تتجاوز هذا الإخفاق في مجال تعليمي آخر هو بارقة الأمل -بعد توفيق الله- التي أعادت الحياة لطالبة خرجت من تجربة سيئة، مع حلم توقَّف عند بدايته.

* فكان التحاقها بمعهد للغة الإنجليزية ميدان جديد من الطموح، وكسر طوق العزلة، حيث هي اليوم في الكورس الأخير، وبتفوُّق بُعث من جديد، وهذا مثال من كثير من الأمثلة، التي من المهم أن يستوعبها (الآباء)، ويتعاملوا معها بما يدفع لتجاوز الإخفاق، ودواعي الإحباط، إلى حيث أمل جديد في مباركة النجاح، والتفوق.

* مع التأكيد على جوانب تخصصات كثيرة يحتاجها سوق العمل، وليست الشهادة الجامعية (شرطاً) للوصول إليها، فقد يُحقِّق (دبلوم) في (الأمن السيبراني) -على سبيل المثال- للطالب من مستقبل مشرق وواعد، ما لا تُحقِّقه وثيقة جامعية في تخصص تجاوزه سوق العمل من عقود، وهو ما نحتاج معه إلى تغيير نظرتنا إلى الواقع، والتعاطي معه كما هي متطلباته، ففرق كبير (ربحاً، وخسارة) بين من يُخرج رأسه من الواقع، ومن يُخرج الواقع من رأسه.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store