Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

في الاستطلاعات الصحفية.. رأيك من رأي المحرر!!

A A
يقتضي العُرف الصحفي أن يُغلِّب المحرر الصحفي موضوعيته على ذاتيته، هذا التغليب هو ما يدفع بالصحيفة إلى تحقيق الرضا لدى قرائها، أما حينما يعمد لتغليب جانب الذاتية، فهو بهذا يُعبِّر عن رأيه هو، وليس عن رأي المجتمع الذي يدَّعي أنه يعمل لنقل آرائه وتطلعاته، وطرحها بشفافية أمام الرأي العام.

الذي حصل أن محررة بإحدى الصحف المحلية أرسلت لي تطلب رأيي في قضية الأسبوع التي تتبناها صحيفتها، ليكون ضمن آراء الفئة المستهدفة بالاستطلاع الذي تعمل هي على إعداد تقرير عنه لصحيفتها. مَحاور الاستطلاع تدور حول المناهج، وهل تُؤهِّل الطلاب لدخول اختبار القدرات والاختبار التحصيلي؟، وهل يكفي اختبار قدرات واحد لتحديد مصير الطالب؟، وتدور حول المعاهد التي تتقاضى مبالغ لتدريب الطلاب على اختبار القدرات، وحول مستقبل الطلاب الذين لم يُوفَّقوا في اختبار القدرات.

في مطلع هذا الأسبوع ظهر التقرير في صفحتين، ويحمل آراء عدد من المواطنين والمختصين، ولم يكن رأيي موجودًا بينها، عندها سألتُ المحررة -عبر الرسائل- أكثر من مرة عن السبب، ولكنها التزمت الصمت، ولا أدري هل المحررة هي مَن صادر رأيي، أم القسم المختص في الصحيفة؟، الذي يظهر لي أن مََن صادر رأيي صادره لأنه لم يكن يسير في المسار الذي كان يريده؛ فربما كان يريد مني أن أُشنِّع بالمناهج، وأن أنفي أي تقاطع لها، حتى مع الاختبار التحصيلي الذي يقوم عليها أصلاً، وأن أُغالط الحقيقة وأقول إن اختبارًا واحدًا في القدرات وآخر في التحصيلي ظلم للطالب، (والواقع أن هناك أكثر من اختبار فيهما)، وأن أتكلم عن المبالغ التي تتقاضاها بعض المعاهد التي تُدرِّب الطلاب على اختبار القدرات، (وأصمت عن الأهم) وهو مضمون ما يُقدَّم للطلاب في تلك المعاهد، وأن أُطالب الجامعات بقبول خريجي الثانوية جميعهم مهما تدنت درجاتهم في اختبار القدرات والتحصيلي. وسأطرح هنا إجاباتي -كما هي- عن مَحاور المحررة التي أوردتُها في صدر المقال لتحكموا عليها، فقد قلت بحسب ترتيب مَحاورها: «المناهج الدراسية القائمة تتقاطع محتوياتها مع الاختبارات التحصيلية أكثر من تقاطعها مع اختبارات القدرات؛ ذلك أن الاختبارات التحصيلية تُعد عملية حشد للمعلومات التي حصَّلها الطلاب من خلال المناهج الدراسية، والمطلوب منهم استرجاعها وتذكُّرها وفِق نمط معين، أما القدرات فلا أرى المناهج تخدمها كثيرًا، ولذلك فحبذا لو تكثف وزارة التعليم الدورات والبرامج التي تُعنى بالقدرات، ليستفيد منها الطلاب، سواء داخل المدرسة أو خارجها.

أما بالنسبة لعدد اختبارات (القدرات والتحصيلي)، فالحاصل أنه لا يُكتفى فيها باختبارٍ واحد؛ حيث نجدها في اختبارات القدرات متعددة ومتنوعة بين الورقي والمحوسب، لذلك أراها كافية، خصوصًا وهي تتطلب رسومًا مالية مع كل اختبار، أما اختبارات التحصيلي فهي في الغالب تكون مرتين، وتبدو كافية أيضًا، خصوصًا أنها تتطلب رسومًا مالية.

أما من حيث المعاهد التي تعمد لتدريب الطلاب، فليست الإشكالية فقط في المبالغ المرتفعة التي تتقاضاها؛ وإنما في جودة ما تُقدِّمه للطلاب، وانعكاس ذلك على درجاتهم في اختبارات القدرات، ولذا ينبغي أن تخضع هذه المعاهد للرقابة والمتابعة والتقييم والفرز. أما الطالب الذي لا يُمكنه تجاوز اختبارات القدرات والتحصيلي (المتعددة)، ولو في (أدنى مستويات التجاوز)، فأرى أن الجامعة ليست ملزمة بقبوله، لكن يمكن التخفيف من نسب غير المقبولين، بحيث لا يكون هناك تباين حاد في النسب بين (الثانوية والقدرات والتحصيلي)، والتي تُشكِّل الدرجة الموزونة للقبول في الجامعة، وأن يتم تخفيض هذه الدرجة (الموزونة) لاستيعاب العدد الأكبر من الطلاب، وما سبق يكون خاصًّا بالأقسام النظرية، ثم إن المرجو من الجامعات أن تُعزِّز إمكاناتها وقدراتها لاستيعاب العدد الأكبر من خريجي الثانويات، خصوصًا وهم في ازدياد مطَّرد». هذه هي إجاباتي التي صادرتْها المحررة الصحفية أو القسم؛ لأنها صادرت توقعاتهم، وجاءت تصحيحًا لمغالطات بعض المَحاور ومبالغاتها، ولم تَسر في الخط الذي كانوا يُريدونه ويُرضي ذاتيتهم على حساب حرية الرأي وموضوعيته، في حين شاركتُ في استطلاعات عديدة في صحفٍ مختلفة مع محررين كانوا أهلاً للمسؤولية الصحفية عندما لم يصادروا رأيي، مع أنه كان مخالفًا لما كانوا يتوقعونه، ولم يعمدوا لنظرية «ما أُريكم إلا ما أرى».


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store