Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مكتبة عارف حكمت في مدونات المؤرخين والرحالة العرب والغربيين

مكتبة عارف حكمت في مدونات المؤرخين والرحالة العرب والغربيين

** مثلت مكتبة شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت الحسيني. 1200 - 1275م - 1785 - 1858م.

A A
** مثلت مكتبة شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت الحسيني. 1200 - 1275م - 1785 - 1858م. والتي أقامها وأوقفها بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنة 1270هـ - 1853م مدفوعًا بحبه لديار الإسلام ومثوى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. واوقف عليها عند انشائه لها ما يقرب من خمسة آلاف كتابًا وجملة أخرى من الأوقاف في المدينة المنورة وبعاصمة الخلافة العثمانية -آنذاك- “إسلامبول” كما دون ذلك الدكتور محمد العيد الخطرواي.** “انظر: عارف حكمت. حياته ومآثره. او شهي النغم في ترجمة شيخ الإسلام عارف حكمت. محمود بن عبدالله الألوسي. تحقيق د. محمد العيد الخطراوي. ط1. 1403هـ - 1983م. ص31-32.** نعم لقد مثلت هذه المكتبة منذ انشائها قبل اكثر من قرن ونصف من الزمن إلى وقت ازالتها من موقعها الاصلي في الناحية الجنوبية من المسجد النبوي الشريف. معلمًا تاريخيًا وحضاريًا وفكريًا مهمًا من معالم طيبة الطيبة. وتقتضي امانة البحث العلمي أن نذكر شيئًا عن حياة هذا العالم الجليل وذلك بالعودة إلى المصادر التي ترجمت له المعاصر منها والمتأخر.** فلقد خصه الشيخ عبدالرزاق البيطار بترجمة وافية فذكر انه ولد في ليلة الاحد الخامس والعشرين من شهر محرم عام الف ومائتي وواحد. وانه لعلمه الوافر تقلد قضاء مدينة القدس. كما تولى مناصب دينية قضائية في كل من مصر. والمدينة المنورة. كما تولى رئاسة مجلس الاحكام العدلية ونال بعد ذلك مشيخة الإسلام العالي في يوم السبت في اثنين من شهر ذي الحجة عام الف ومائتين واثنين وستين. ويتوقف البيطار عند الاهتمام العلمي للشيخ عارف حكمت فيقول: “وتتبع الكتب والمجلات في دائم الاوقات وخصص الاوقاف الجسيمة من الأبنية والمستغلات. وبعدها انشأ مكتبة في المدينة المنورة على صاحبها افضل الصلاة واتم التسليم. ورتب لها حفظه الله ووقف بها سائر كتبه المتجاوزة خمسة آلاف كتاب من الكتب النفيسة وارسلها إلى ذلك المكان ولعل الحب الفطري الذي دفع هذا الانسان لانشاء هذه المكتبة في خير البقاع إلى الله. هو الذي كان وراء نيته أن يختم بقية عمره بتلك البقعة المباركة نظرًا لشدة محبته لخير الانام -عليه صلاة الله وسلامه”. ولكن المنية عاجلته فتوفي -رحمه الله تعالى- ليلة الاحد لست عشرة خلت من شهر شعبان سنة الف ومائتين وخمس وسبعين. واورد “البيطار” شعرًا جميلًا له في الالتجاء إلى الله عز وجل. كما أن المترجم عبدالرزاق البيطار افسح له عندما ترجم لوالده الشيخ حسن بن ابراهيم بن حسن بن عبدالله البيطار. فذكر انه -اي والده- التقى شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت واخذ كل منهما عن الاخر واجازه واسمعه حديث الاولوية وذكر معناه وحقيقته ومجازه.** انظر: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر. تأليف الشيخ عبدالرزاق البيطار. تحقيق: محمد بهجة البيطار - مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. 1380هـ - 1960م. ج1. ص: 141-146.** اما الشيخ المؤرخ والنسابة المكي المعروف. عبدالستار الدهلوي المكي الحنفي. فذكر عند ترجمته له بقوله: قد تولى -اي الشيخ أحمد عارف حكمت- القضاء بالمدينة المنورة سنة ثمان او سبع وثلاثين ومائتين والف. وتولى مشيخة الإسلام في زمن السلطان عبدالمجيد خان.** ويتوقف الدهلوي عند مواهبه العلمية فيقول: “وكان يحفظ القاموس عن ظهر قلب وجملة من الكتب الادبية واوقف جملة من كتبه على طلبة العلم بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن امر ببناء مدرسة له بها خدمة مستقلون. واوقف عليها عدة اماكن. وهي كتب كتب كثيرة فبنيت بها قبة عظيمة وذلك بالقرب من ديار العشرة. بعد أن تخرج من المسجد النبوي الشريف من باب الحبر”. يقول العبدالفقير إلى الله -كاتب هذه السطور- لقد عرفت المكتبة منذ نهاية السبعينيات الهجرية من القرن الماضي. وكانت تقوم في ركن المسجد النبوي الجنوبي الشرقي. وكانت محاذية وملاصقة لدار المرحوم الشيخ عابد بن سندي. ثم دار فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح - امام وخطيب المسجد النبوي الشريف رحمه الله وكان للمكتبة واجهة تطل على الناحية القبلية للمسجد الطاهر. أما مدخل المكتبة فكان يقع ‏على مدخل شارع صغير يؤدي إلى حارة الأغوات- وللحارة تلك ‏عدة مداخل- وكان يسامت مبنى المكتبة موقع دار أبي أيوب ‏الأنصاري-رضي الله عنه- والتي هدمت هي الأخرى لصالح ‏التوسعة السعودية الكبرى للمسجد النبوي الشريف. أما ما ذكره الشيخ ‏الدهلوي عن باب الجبر. فالمقصود به ما عرف عن سكان أهل البلدة ‏الطاهرة بباب جبريل- عليه السلام- أو باب الجنائز. فلقد كانت ‏تخرج منه بعد الصلاة عليها في المحراب ومن هذا الباب تحمل إلى ‏مقبرة المدينة المعروفة باسم بقيع الغرقد.‏‏** انظر: فيما أوردناه عن الشيخ الدهلوي من معلومات مهمة عن ‏المكتبة وصاحبها. كتاب: فيض الملك الوهاب المتعالي بأنباء أوائل ‏القرن الثالث عشر والتوالي. تأليف: الشيخ المؤرخ عبدالستار ‏الدهلوي. تحقيق: أ.د. عبدالملك بن دهيش ط11. 1429هـ- ‏‏2008م. ج1. 170-172.• وبالعودة إلى بعض الترجمة أوردها «الزركلي». نجده يذكر أن ‏الشيخ أحمد عارف حكمت يجيد اللغات العربية والتركية ‏والفارسية. ومن أهم مؤلفاته تراجم لعلماء القرن الثالث عشر ‏الهجري- لعلها بالعربية- اقتبس منها صاحب هدية العارفين ‏‏(انظر: الأعلام خير الدين الزركلي. ط7. 1986. ج1. ص: ‏‏141).‏• ويضيف الباحث حمادي التونسي بأن لصاحب الترجمة (ذيل ‏لكشف الظنون إلى حرف الجيم) وللتأريخ فإن هذا الأخير قد ‏أبدى بلاءً حسنًا بإشراف ومتابعة من أستاذنا الدكتور عباس ‏صالح طاشكندي في إعداد رسالة مهمة- عن مكتبات المدينة ‏المنورة- فيما يقرب من 260 صفحة.‏‏** كما قام الأستاذ الدكتور عباس طاشكندي- نفسه- من قبل: ‏بإعداد رسالة علمية قيمة تتضمن وصفًا تحليليًا للمخطوطات العلمية ‏بمكتبة عارف حكمت. وقد كتبت الرسالة باللغة الإنجليزية. وكنت ‏أشاهد الدكتور عباس وهو في مطلع العمر يتردد على المكتبية بين ‏الحين والآخر وعرف استاذنا فيما بعد باهتمامه البالغ بعلم المكتبات ‏وانكبابه على معرفة آثارنا العلمية المخطوط منها والمطبوع ‏وانعكس هذا الاهتمام إيجابيًا على تحريره لموسوعة مكة المكرمة ‏والمدينة المنورة التي تصدرها دار الفرقان برعاية رئيس مجلس ‏إدارتها السيد أحمد زكي يماني.‏• ويذكر الدكتور الخطراوي نقلًا عن الشيخ محمود الألوسي في ‏ترجمته عن الشيخ عارف حكمت. ما نصه (وقد أوقف عليها ‏مؤسسها كثيرًا من البيوت والدكاكين والخانات والبساتين ‏وغيرها من الأوقاف الثابتة الدائمة المورد لصيانتها والصرف ‏على موظفيها. يقول شيخ الإسلام - عارف حكمت في صك ‏الوقفية «إني وقفت وقفًا صحيحًا شرعيًا مؤبدًا. المصاحف ‏الشريفة التي عددها ستة عشر مصحفًا. وكتبي النفيسة التي ‏عددها خمسة آلاف كتاب. ووقفت الخان الذي اشتمل على أربع ‏غرف واصطبل كبير. وفرن. ودكان الحلاقة. ‏والصوندرمة والممشى. وكل هذه الأوقاف بإسلامبول) أما ما ‏أوقفه عليها بالمدينة المنورة فهي خمس دور الأولى كانت ‏بجوار التاجوري- حارة معروفة بالمدينة تتصل بحي قربان- ‏والثانية بباب المجيدي. والثالثة في زقاق الطيار. والرابعة في ‏زقاق التكارنة. والخامسة في زقاق القشاشي.‏** يقول العبد الفقير إلى الله أدركت في مطلع العمر شخصيتين ‏مهمتين من شخصيات البلدة الطاهرة وهما الشيخ المؤرخ والحافظ ‏لكتاب الله والمؤرخ جعفر بن إبراهيم فقيه 1320-1411هـ وقد ‏أدرك العهود الثلاثة. وكان نائبًا لمعالي الشيخ صالح قزاز عن ‏مشروع التوسعة الأولى كما كان مسؤولًا لمدة من الزمن عن ‏مكتبة المدينة العامة التي انشئت في عام 1380.‏• كما أدركت السيد حبيب محمود أحمد 1338هـ-1423هـ ‏وكان رئيسا لمجلس أوقاف منطقة المدينة الفرعي منذ عام ‏‏1387هـ كما شغل منصب المشرف على دوائر وزارة الحج ‏والأوقاف وشؤون الحج بالمدينة المنورة. في عام 1397هـ.‏• وأخبرني كل من الرجلين أنه أثناء حصار المدينة الأول في ‏عهد الدولة العثمانية والذي تسبب فيه عناد وصلف أمير المدينة ‏آنذاك فخري بالي باشا الذي عين في منصبه سنة 1916م أنه ‏في تلك الحقبة الأليمة وأثناء الحرب العالمية الأولى كانت تعيش ‏في المدينة المنورة حفيدة شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت. ‏وطلب منها القائد فخري أن تأذن له بنقل المكتبة إلى -‏إسطنبول- فرفضت طلبه قائلة إن جدها أوقف المكتبة بناءً ‏وكتبًا على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومع هذه ‏الممانعة التابعة عن إيمان وحب للبلدة الطاهرة- شرفها الله- ‏إلا أن المكتبة تم نقلها بإيعاز من فخري باشا حتى وصلت إلى ‏بلاد الشام. ثم تمت إعادتها إلى المدينة المنورة بعد انتهاء ‏الحرب العالمية ولقد أزيلت المكتبة لصالح التوسعة الكبرى ‏للحرم النبوي الشريف وأنني أتوجه إلى معالي الشيخ الدكتور ‏صالح آل الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بتصحيح ‏هذا الوضع وإنشاء موقع خاص بالقرب من المسجد النبوي ‏الشريف- بدلًا من الموقع الذي أزيل للصالح العام- وخصوصًا ‏أن المنطقة المركزية حول حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏تزخر بالمحلات التجارية. والفنادق والعمائر السكنية وسواها. ‏وهذا لا يعكس بالضرورة تاريخ هذه البلدة الطاهرة التي تعتبر ‏أول عاصمة للدولة الإسلامية وانطلق منها المد الحضاري ‏والعلمي والفكري والإنساني لأرجاء المعمورة. ومذكرًا في ‏الوقت نفسه بأن معظم المكتبات التي أدركناها في الحقبة ‏الماضية كانت تقوم حول الحرم النبوي الشريف مثل عارف ‏حكمت. والمحمودية. والعامة. وبشير آغا. ومظهر الفاروقي. ‏كما أدعو في نفس الوقت للحفاظ على موقع مكتبة الملك ‏عبدالعزيز والذي يمثل تاريخًا مهمًا في عصرنا الحديث الحفاظ ‏عليه والتشبث به فقد أعلمني من أثق أن المكتبة بوضعها الحالي ‏منحت مدة خمس سنوات ثم سوف يتم نقلها إلى موضع آخر ‏وربما في مكان ناء في أطراف المدينة والأولى بقاؤها كما هي ‏حتى يتمكن زائر البلدة الطاهرة وطلاب العلم من ارتيادها فهذا ‏هو التاريخ الحقيقي للمدينة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store