Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الإكسوزومات كمؤشرات للسرطانات

A A
كتبت مقالا سابقًا بعنوان «الإكسوزومات أمل جديد للعلاج» والعنوان الآن «الإكسوزومات كمؤشرات للسرطانات» فكيف يكون ذلك؟

تعتبر الاكسوزومات منتج ومشتق خلوي خارج من الخلايا -كل الخلايا- يكون على شكل حويصلات تسمى حويصلات خارج الخلية Extracellular Vesicles يبلغ قطرها ما بين ثلاثين إلى مئة نانومتر تفرز في السوائل البيولوجية مثل الدم والبول إن كان في الكائن الحي أو في الوسط البيئي لزراعة الخلايا إن كان في زراعة الخلايا، أما وظيفتها فهي التي تبين لنا لماذا قد تكون حاملة لمؤشرات المرض أو قد يكون بعض منها محتواه فيه سر العلاج للمرض تبعًا لنوع الخلايا وأسرارها البيولوجية التي استودعها الله في داخلها وينطبق عليها المثل القائل «وداوني بالتي كانت هي الداء».

وحيث إن بحوث الإكسوزومات من البحوث الحديثة فإن وحدة أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية في مركز الملك فهد للبحوث الطبية والتي أشرف عليها بادرت مبكرًا بإجراء بحوث ذات صلة بالإكسوزومات، شيء له علاقة بإكسوزومات الخلايا الجذعية، وأخرى بأكسوزومات مرضى فيروس كوفيد 19، وتجرى الآن العديد من البحوث الخاصة بالأكسوزومات واهتمامًا من المجموعة البحثية لأبحاث الخلايا الجذعية والسرطانية بهذا النوع من الأبحاث الحديثة وبحضور مدير مركز الملك فهد للبحوث الطبية الاستاذ الدكتور عادل أبوزناده تم الأسبوع الماضي الاحتفاء بطالبة الدكتوراة تهاني بخش من قسم علوم الأحياء لحصولها على درجة الدكتوراة في مجال الأكسوزومات وإحرازها المركز الأول والريشة الذهبية في مؤتمر ولقاء طلاب وطالبات الدراسات العليا في الجامعة نظير بحثها الجديد من نوعه والقيم في نتائجه وهو تحت عنوان «التتابع العميق للتعرف على miRNA الإكسوسومي الجديد بغرض تشخيص سرطان القولون والمستقيم» حيث تم اكتشاف 660 نوعًا من exosomal miRNA في مراحل مختلفة لمرض سرطان القولون والمستقيم التي تم تقييمها بنجاح ومن خلال الـ30 miRNA المعبر عنها تفاضليًا في المرضى مقارنة بالأصحاء تم اختيار 13 miRNA اعتمادًا على مستويات الوفرة العالية لـexosomal miRNA في المرضى وهذه هي التي سيكون لها التأثيرعلى الجينات المهمة في سرطان القولون والمستقيم مما يؤدي إلى نمو الورم أو منعه من النمو ومعظم الأدلة الجزيئية الدقيقة التشخيصية التي تم التعرف عليها تنتشر في مصل الدم وتم التأكد من أن بعض الجينات المستهدفة تشارك في العديد من مسارات السرطان الحيوية وتشمل الجينات المثبطة للورم أو الجينات المسرطنة وجينات إصلاح الحمض النووي وبالتالي فان تحديد exosomal miRNA يعد بوابة لتحديد مؤشرات أولية لمستوى السرطان في مصل الدم مما يمكن مستقبلاً بتسليط بعض الدراسات عليه أن يكون مما يستدل به بيولوجيًا على سرطان القولون والمستقيم في جميع مراحله خاصة المراحل المبكرة وذلك بمجرد قياسه بأحد الأجهزة البيولوجية الحديثة والتي اقترحها أحد العلماء في جامعة كنساس في أمريكا حيث ذكر إن مثل هذا الجهاز يستطيع مستقبلاً من خلال قطرة بلازما الدم أن يحدد نوع السرطان ومستواه إن كان مبكرًا أو في مرحلة متقدمة وهو إلى الآن محل الدراسات المستقبلية وإمكانية الوصول إلى ذلك محقق قريبًا بإذن الله مما قد يساعد على سهولة الكشف المبكر ويقلل من حدوثه وتداركه قبل انتشاره.

إن كان اليوم معظم ما يطرح من العلماء في معرفة الإكسوزومات هو نظريات وتجارب أولية ومداخلات علمية ونقاشات فكرية فإن الاستدلال بها مستقبلاً كتشخيص على السرطانات أمر منوط بدراسته وبحثه تجريبيًا وتأكيديًا حيث ذلك كفيل بأن يمنح المستقبل بإذن الله دلائل تشخيصية مبكرة للمرض أو علاجات جينية تحد من أمراض السرطان ما أمكن، ويظل مع هذا كله إن الإنسان بعلمه وعلمائه وبحثه وأبحاثه قطرة من بحر علم الله الذي قال سبحانه وتعالى عن نفسه (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىْ) فالخلية يومًا ما كانت سرًا حتى ظهرت نظرية الخلية وتعرف العلماء عليها كسرٍ من أسرار خلق الله وما يجريه العلماء اليوم من تجارب عن مكونات دقيقة وجزيئية ونانومترية والتي منها الإكسوزومات هي الأخفى، فسبحان من يعلم السر واخفى، فلكل ما هو سر ما هو أخفى منه.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store