Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

صراع القوة الناعمة الأمريكي الصيني.. المتغطي بأمريكا عريان!

A A
نشرت مجلة Foreign Affairs مؤخراً مقالاً بعنوان: (ميزان القوة الناعمة.. السعي الأمريكي والصيني لكسب القلوب والعقول)، قارن فيه كاتب المقال بين الأسلوب الذي يتبعه كل من البلدين؛ لتحقيق أهدافه في العالم عبر توظيف مفهوم القوة الناعمة، مستهلاً الحديث بالتأكيد على أهمية ذلك المفهوم، وواصفاً إياه بأنه أحد أهم المفاهيم التي شكَّلت بعمق نقاشات السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة ما بعد الحرب الباردة، ومستحضراً تحذيرات جوزيف ناي من أن «الولايات المتحدة سوف تدفع الثمن إذا قللت من اهتمامها بجاذبيتها عند الدول الأخرى»، علماً بأن درجة هذا الاهتمام شهدت خلال العقدين الماضيين تأرجحاً بين إدارات البيت الأبيض المتعاقبة.. ومع تولي «جو بايدن» الرئاسة، تعهَّد بإعادة بناء أسس الأخلاق، وترسيخ قيادة أمريكا دولياً، مصرحاً بأن ذلك سيتم «ليس فقط من خلال نموذج القوة، ولكن من خلال قوة النموذج»، في إشارة منه إلى إعادة الاعتبار لوضع أمريكا كحامي للديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم.

هذا التوجه ذو الطابع الأيدلوجي الذي اتبعته الولايات المتحدة في دبلوماسيتها العامة، قابله على الجانب الآخر توجه واقعي pragmatic من قبل الصين، يمكن استخلاصه من خلال خطابات المسؤولين الصينيين الدولية، والتي تميل لتسليط الضوء على نجاحات النموذج الصيني الاقتصادي والاجتماعي، وقدرته على تحسين حياة الناس وبناء مجتمع مزدهر، والتذكير بازدواجية معايير نموذج الديموقراطية وحقوق الإنسان الغربي، وتصدّعه داخلياً، وعدم احترامه لثقافات الدول الأخرى.

ولي مقال سابق حول ذلك بعنوان: (عين الصين على ديموقراطية الغرب الجريحة). مقال مجلة Foreign Affairs لم يغفل في الواقع ذلك التآكل في سمعة الديموقراطية الأمريكية، حيث تناول بعض النتائج المترتبة عليه، ومنها الفشل في حشد تأييد دول رئيسية مثل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا، لتبني الموقف الأمريكي من الغزو الروسي لأوكرانيا. كما أشار المقال إلى توغُّل الصين السخي في القارة الإفريقية وفي أمريكا الجنوبية، عبر المنح التعليمية والابتعاث المنتهي بالتوظيف، ومشاريع البنى التحتية، وبناء المدارس والمستشفيات، مقابل القليل جداً مما تقوم به أمريكا. وقد أظهر استطلاع رأي أُجري مؤخراً في قارة إفريقيا أن ثلثي من شملهم الاستطلاع في 34 دولة أبدو انطباعا «إيجابيا» أو «إيجابيا جدا» حيال التأثير الاقتصادي والسياسي الصيني في القارة.. نتيجة مماثلة أظهرها استطلاع رأي آخر تم في أمريكا الجنوبية.

وبهذا الشأن نشر القنصل الصيني في لبنان تغريدة ساخرة على حسابه في تويتر، قال فيها: (هبط مسؤول أمريكي في مطار في إفريقيا بنته الصين، وسافر بالسيارة على طريق بنته الصين، وألقى كلمة في مبنى بنته الصين.. وذلك لتحذير الدول الإفريقية من التعاون مع الصين!). ملاحظتي الأخيرة التي لا أملك استطلاعا للرأي يدعمها، أن انطباع الناس تجاه الولايات المتحدة في الدول العربية -ومنها السعودية- يمر اليوم للأسف بانحدار غير مسبوق، وذلك لأسباب عديدة سياسية وثقافية (تُضاف للأسباب أعلاه).. فبجانب شعور الناس في المنطقة بعدم فهم واحترام أمريكا لثقافتهم وقيمهم، فإن هناك أيضاً شعوراً بكون أمريكا أصبحت حليفاً لا يمكن الركون إليه والوثوق به.. وهناك مقولة متداولة تعكس ذلك الشعور بشكلٍ واسع، تقول: (المتغطي بأمريكا عريان).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store