Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

قمم جدة.. حلولاً عالمية

A A
‏يشهد العالم أحداثاً سياسية واقتصادية ساخنة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وانقطاع سلاسل الإمداد، وتعرُّض الملايين للجوع، فضلاً عن مشكلة النفط والغاز الذي تبتز من خلاله روسيا؛ دول الناتو وأمريكا، جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

‏وفي خضم هذا البحر الهائج من الأحداث، جاءت قمم جدة لتُهدِّئ من روع العالم؛ وأن هذه الدولة الرائدة، (المملكة العربية السعودية)، لديها ‏حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية. وتأتي زيارة رئيس أكبر دولة في العالم، ليُؤكِّد عمق العلاقات التاريخية الأمريكية - السعودية ومنذ أكثر من 80 عاماً؛ حين زار الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» ‏السعودية لتوقيع عقود شراكة إستراتيجية لاستخراج النفط؛ فالمصالح مشتركة، وزيارة بايدن ليست إلا لتحقيق مصالح شعبه في خفض أسعار النفط، لتخفيض ‏الضغوط على المستهلك الأمريكي؛ فيُؤثِّر ذلك على سمعة الرئيس في الانتخابات الأمريكية القادمة.

وقابلت السعودية أمريكا الند بالند، وأوضحت بأنها لن تزيد مستوى طاقتها الإنتاجية عن 13 مليون برميل، مع عقد الكثير من الشراكات التنموية والاستثمارية، ووعدت أمريكا بالاستمرار في حماية الممرات البحرية في مضيق هرمز، وباب المندب، وأنشأت قوة عمل بحرية مشتركة لتعزيز الأمن البحري.

هذا ويشهد العالم بأجمعه نجاح (قمة جدة للأمن والتنمية)، حيث تحقيق الأمن أولوية عالمية، وبدون أمن لن تكون هناك تنمية وازدهار. وهنا جاء الدور السعودي الرائد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله - في الدعوة لعقد قمة استثنائية تجمع الرئيس الأمريكي ودول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق؛ وهي القيادات التي يُعوَّل على قراراتها في استقرار المنطقة، وتحقيق طموحات الشعوب في الأمن والسلم العالميين.

وقد جاءت كلمة سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان؛ خارطة طريق، لتوضيح الرؤى المستقبلية، وكيفية مواجهة التحديات العالمية الراهنة، ومن أهمها ما أوضحه «بأننا لن نتخلَّى عن قيمنا، ونتمنى من العالم احترامها، كما نحترم القيم الأخرى»، فاحترام القيم يحدُّ من التدخلات في الشؤون الداخلية للدول؛ لضبابية فهم ‏ثقافة الشعوب، ومصادر تشريعاتها.

كما أكد على: «أن تَبنِّي سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات، من خلال إقصاء مصادر رئيسة للطاقة، دون مراعاة الأثر الناتج عن هذه السياسات في الركائز الاجتماعية، والاقتصادية للتنمية المستدامة، ولسلاسل الإمداد العالمية، سيؤدي في السنوات القادمة إلى تضخُّم غير معهود، ‏وارتفاع في الأسعار، وزيادة البطالة، وتفاقم مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة، وتزايد الفقر والمجاعات، وتصاعد في الجرائم والتطرف والإرهاب»، وبهذا وضع يده على معاناة الشعوب، والنتائج المتوقعة، ولكنه في الوقت ذاته أكد على: اتباع إستراتيجيات أخرى لمواجهة التلوث البيئي، ومنها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والسعودية الخضراء، وتبنِّي نهج متوازن في الوصول للحياد الصفري للكربون.

بل أظهر رغبة في السلام الذي يُحقِّق الأمن لدول وشعوب المنطقة؛ في دعوته لإيران «باعتبارها جارة، ‏تربطنا بها روابط دينية وثقافية، إلى التعاون ‏مع دول المنطقة، لتكون جزءاً من هذه الرؤية، من خلال الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون مع الوكالة ‏الدولية للطاقة الذرية، والوفاء بالتزاماتها بهذا الشأن»؛ فهذه الرؤية العقلانية أفرزت ‏قناعة لدى مسؤولين إيرانيون مثل: كمال خرازي رئيس المجلس الإستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران، حيث أبدى ترحيباً كبيراً بالتعاون، والاستعداد بفتح صفحةً جديدة في العلاقات، بما يُحقِّق مصالح دول وشعوب المنطقة، واستعداد إيران للعودة إلى الاتفاق النووي، بل أكد أن إيران تمتلك القدرة على إنتاج قنبلة نووية كوسيلة رادعة، ولكنها أخلاقياً لن تقوم بذلك.

لقد أثبتت قمة جدة انتصاراً للدبلوماسية السعودية، فقد تحدَّثت عنها أشهر محطات التلفزة والصحف العالمية، بل ‏وحَّدت الرؤى للحُكَّام العرب، وأفرزت قرارات عملية، منها: التبرع بـ10 مليارات دولار لتحديات الأمن الغذائي، إقليمياً وعالمياً، وبليون دولار من أمريكا، بل التبرع بمائة مليون دولار لشبكة مستشفيات القدس الشرقية، كما أكد الزعماء على ضرورة وضع الاتفاقات الدولية موضع التنفيذ، ومنها حل الدولتين، للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وحل التفاوض بين الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي، ودعم أمن واستقرار أفغانستان، وكذلك حلول لأمن واستقرار العراق ولبنان وسوريا.

كل تلك المخرجات أثبتت الحنكة الدبلوماسية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله -، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ‏الذي فاجأ العالم برؤى عالمية للسلام، تعمل بإرادة صلبة، تجعلها فوق الشبهات المغرضة.‏

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store