الحوادث المرورية مكسب أم خسارة..؟!

لابد من أن الكثير منا قد شاهد تداعيات الحوادث المرورية الصغيرة (جداً) بين مركبتين ولو مصادفة، تلك التي تقع في الشوارع العامة بين الحين والآخر محدثة احتكاك بسبط، أقول عنها (حوادث) مجازاً وإلا فهي في حقيقة الأمر لا تعد من الحوادث المتفق عليها إجماعاً ولا تصنف عرفاً ضمن الحوادث المرورية، لانتفاء الضرر البين فيها على السائق وعلى المركبة، هذه الحوادث الصغيرة جداً كانت في وقت سابق تنتهي بين كلا السائقين بالصلح والتراضي، ويتم غض الطرف فيها عن المخطئ بكل أريحية في أحايين كثيرة، كان ذلك قبل أن يعمم التأمين على السيارات ويصبح إلزامياً، واقع اليوم يختلف كثيراً عما سبق، فاليوم أصبح من المستحيل أن يغض صاحب الحق الطرف عن المخطئ، وهو يدرك في قرارة نفسه أنه سوف يتحصل على المال من شركات التأمين، لا يمكن أن يتنازل أحد الأطراف عن الآخر مهما كانت الأسباب والحجج، حتى وإن كان الضرر الناتج عن احتكاك السيارتين مجرد خدش بسيط لا يتعدى قطره جزءا من السنتيمتر وقد لا يرى بالعين المجردة، فمكاسب الحوادث في نظر البعض أصبحت تفوق أضرارها، لذلك يتمنى هذا البعض أن تصدم مركبته من قبل أي شخص آخر من الخلف، هذا إن لم يتعمد هو نفسه فعل ذلك، فطالما أن تأمين المركبة ساري المفعول والخطأ سيقع لا محالة على السيارة المرتطمة من الخلف بنسبة 100%، والتعويض مضمون فلما لا يكون ذلك، غير المؤمن سيضطر العبور في متاهات وسوف يدخل في حيص بيص وفي حالة من الذهول وهو يرى أن ما يدفعه من مال مقابل الضرر أو الخدش الناتج عن الاحتكاك، أضعاف ما يستحق هذا الخدش، ويرى من وجهة نظره بالطبع بأن المبلغ المقرر دفعه هو مبلغ مبالغ فيه مقارنة بالخدش البسيط الناجم عن الاحتكاك أو الملامسة ويرى كذلك أن هذا القدر الكبير من المال ليس له ما يبرره.

إذا ما أخذنا في الاعتبار، تلك المبالغ التي يدفعها المؤمن على مركبته لشركات التأمين فلاشك بأن من حقه في هذه الحالة أن يعوض بمبلغ مجز مهما كان حجم هذا الضرر كبر أو صغر، فمتى ما استوفى الشخص المؤمن قيمة التأمين أصبح التعويض حقا مكتسبا له، كفلته له أنظمة التأمينات.

* ومضة:

قبل أيام ليست ببعيدة قبضت الجهات المختصة على سائقين اثنين، تعمدا الارتطام بمركبتهما في حادث مروري مفتعل، مسوغ ذلك الفعل هو الحصول على المال بطريقة غير مشروعة من خلال التعويض الذي سوف تصرفه لهما شركات التأمين تعويضاً عن التلفيات الناتجة عن هذا الحادث.