Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

المدينة.. وسيدنا «الدوسي» رضي الله عنه

A A
بحكم ولادتي ونشأتي وتربيتي ودراستي في المدينة المنورة ولأن مراحلي الأولى في مراجعة دروسي والقرآن الكريم في المرحلة الابتدائية المبكرة كانت في مسجد سيدنا مالك الذي كان يقع بالقرب من الحماطة في سوق البرسيم وعند مدخل كل من الساحة الغربي وسوق القفاصة وخلفه كان مبنى مهجور يقال أن قبر والد الرسول صلى الله عليه وسلم كان فيه، وكان من يدرسنا ويراجع لنا في مسجد سيدنا مالك الأستاذ حمزة كردي رحمه الله تعالى وكان طويلاً ومهيبًا وأبًا رحيمًا ذا لحية كثة، وكان يسكن في زقاق جعفر، ثم لما اشتد عودي يممت وجهي في مراجعة الدروس والمذاكرة إلى المسجد النبوي الشريف متنقلاً بعض الأحيان بين حلقات ومجالس من كان يدرس وقتها في المسجد النبوي.

وفي مذاكرتي كنت اتنقل بين الرواق والحصوة والروضة الشريفة وآخر الحرم، وهناك بالقرب من الروضة الشريفة تعرفت على مكان جلوس شخصية تاريخية ممن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله يحبه وأحببته أنا لحب الرسول له وإن لم أكن أراه أو ألقاه، في ذلك المجلس الذي يسمى مجلس أهل الصفة والذي يقع شمال القبر النبوي حيث كنت أجلس أحيانًا فيه أو بالقرب منه يكون اللقاء مع عبدالرحمن بن صخر الدوسي الصحابي المحدث والفقيه والحافظ الذي أسلم سنة 7 هجرية ولزم النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ الحديث عنه حتى أصبح أكثر الصحابة رواية وحفظًا للحديث النبوي، وقد قدر الإمام البخاري أن عدد طلبته جاوز الثمانمائة ممن رووا عنه، وقد روي عنه 5374 حديثًا، ومن تلاميذه أنس بن مالك رضي الله عنه.

ويعد عبدالرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه أحد أعلام قراء الحجاز وكناه عليه السلام بأبي هريرة وله أخ واحد اسمه كريم بن صخر وخاله سعد بن صبيح أخو أمه أميمة بنت صبيح وصهره سعيد بن المسيب، ورزقه الله ثلاثة أولاد، والذي لا يعرفه كثير من الناس عنه أنه تولى المدينة لمدة عام ثم ولاه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاية البحرين وعاد بعد ذلك إلى المدينة وعاش فيها إلى أن توفاه الله، وأدمنت حبه وحب ذكره لأن فيه من عبق النبوة وأنه الصاحب الدائم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك كثر أخذه من الحديث حتى أصبح مرجعًا في روايات أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أجل هذا السبب نصب له العداء من مردة التشيع ممن يكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصب له العداء كذلك من المستشرقين كونه همزة وصل بين الأمة ونبيها في رواية الأحاديث.

وذات مرة لقيت شخصًا من دوس وقلت له على سبيل الشيء بالشيء يذكر دون علم مني: ما قرابتك بدوس المدينة الصحابي الجليل أبوهريرة؟ فقال لي هو منا ونحن منه، إنه من نفس قبيلتي زهران فعجبت من نفسي أنني لم أعرف ذلك إلا متأخرًا أو كوني لم تقع عيني على أي تعريف به يذكر أنه من زهران.وهكذا هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبائل متعددة وشعوب متنوعة، جمعهم دين الله ورباهم رسول الله فأصبحوا نجومًا في السماء وأرقامًا لها معنى في الأرض أينما حلوا حلت معهم البركة، قدوات في العلم والعمل والجهاد وإعمار الأرض ما أن يجيء ذكر اسم واحد منهم الا وتجد القبول ومحبة الناس له، فرضي الله عنهم أجمعين وصلى وسلم وبارك على من رباهم أجمعين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store