Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

الدبلوماسية الرقمية.. نعمة لا تخلو من صعوبات

A A
كتبت سابقاً مقالاً تطرقت فيه للتوظيف الاستثنائي لبعض السفراء الأجانب في المملكة للدبلوماسية العامة من خلال تويتر، والذي أتاح لهم التفاعل المباشر مع مختلف شرائح الناس في المجتمع السعودي.. والواقع أن ما لم أذكره في ذلك المقال؛ هو أن ذلك التفاعل لا يخلو بأي حال من صعوبات؛ ينبغي على الدبلوماسي - والمسؤول عموماً - توقعها وفهمها، والاستعداد لها جيداً قبل ضغط زر إرسال أي تغريدة، مهما بدت بسيطة وعادية.

أحد أبرز تلك الصعوبات تتمثل في طبيعة الوسائل الرقمية نفسها، والتي كثيراً ما تضع الدبلوماسي في مواجهة مع مستخدمين يصعب التنبؤ بما يريدون، وبالكيفية التي يمكن أن يقومون بالرد بها. ومن أمثلة ذلك القريبة، تعرض الصديق السفير الياباني (أبو كوجي) لموجة من التغريدات الناقدة بعد نشره لتغريدة تساءل فيها عن سبب عدم ذكر اسم العروس في كرت دعوة زفاف، وصله من صديق سعودي.. فبالرغم من كون التساؤل طبيعياً جداً، ولا يحمل -في رأيي- أي تجاوز على الثقافة أو العادات السعودية، إلا أن التجربة بحد ذاتها تمثل تأكيداً على الطبيعة الحساسة وصعبة التنبؤ لشبكات التواصل، الأمر الذي يتطلب فهماً فنياً عميقاً للوسيلة نفسها، ولثقافة وعادات مستخدميها في البلد المضيف قبل بدء التفاعل معهم.

ومن الصعوبات الأخرى التي تواجه القادة ووزراء الخارجية والسفراء على شبكات التواصل، هو أنهم يجدون أنفسهم أحياناً في موقف الحاجة للتفاعل والرد السريع على حدث أو أمر معيَّن؛ لا يرغبون لسبب أو آخر التعليق عليه. وأبرز مثال على ذلك هو الكيفية التي غيَّر بها الرئيس الأمريكي السابق ترمب مفهوم الدبلوماسية من خلال طريقة استخدامه لتويتر، والتي أقل ما يمكن وصفها به هو أنها طريقة «غير دبلوماسية»، تصل في بعض الأحيان إلى درجة التنمر، كما وصفها بعض المعلقين.والملاحظ هو أن معظم القادة حول العالم كانوا يميلون لعدم الرد عليه تجنباً للدخول في جدل علني، أو حرصاً على الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة، في حين يقوم بعضهم بالرد باختصار، وبوسائل مختلفة.

إضافة لما سبق، فإن تواجد المسؤول على شبكات التواصل، يتطلب منه درجة عالية من الانتباه للصياغة والأخطاء الإملائية، خاصة تلك التي يمكن أن تغير المعنى. ومن أشهر تلك الأخطاء تغريدة من حساب الأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية عام 2012 تم فيها دون قصد استبدال رقم 2 (2-state solution) برقم 1 (1-state solution) فأصبحت التغريدة تقول: (الأمين العام بان كي مون يشدد على أهمية الوصول إلى حل دولة واحدة) بدلاً من القول (حل الدولتين). ورغم أن الخطأ تم تداركه خلال 35 دقيقة، إلا أنه كان مثار حديث ونقاش المختصين ووسائل الإعلام بصورة مكثفة حينها. وأذكر بأن الموظفة المسؤولة عن حساب المنظمة الدولية اعتذرت حينها بتغريدة، وجدتُ من رصدي لردود الفعل عليها أنها كانت ردوداً إيجابية ومشجعة خلت تماماً من التنمر؛ ومتعة تصيد الأخطاء التي تسود في عالمنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store