خلال فترة زيارتي الأخيرة لمدينة القاهرة العريقة لحضور المؤتمر العالمي الخامس عشر للموهوبين والمتفوقين، كعادتي في كل زيارة لهذه المدينة العريقة قمت بزيارة مكتباتها الشهيرة في وسط المدينة التاريخية، والتي تحتضن المثقفين، والقراءة، والعلم، والمعرفة، وكما قال أحدهم: إن المكتبة أشبه ما تكون بالمطعم الذي يتم تقديم الطعام فيه على شكل ورقي يتم هضمه في العقل بدلاً من المعدة.. وأنا أبحث في المكتبة لفت نظري تقرير عن الحج نشر في صحيفة اللواء المصرية الصادرة في 18 من شعبان من العام 1323هـ، الموافق 17 من أكتوبر من العام 1905م، أي قبل أكثر من مئة وعشرين عاماً من الآن على لسان مجموعة من الحجاج الجاويين؛ أترككم مع ما جاء في التقرير بدون تعديل:
«إننا معشر الحجاج من الجاويين تعودنا من قديم الزمان إذا وصلنا إلى جدة أن نسأل عن أي شيخ من مشايخ الجاويين ليكون دليلاً لنا فيما يتعلق بأمورنا، فيقابلنا وكيل ذلك الشيخ أو هو بنفسه إن حضر، وينزلنا في منزله ويستأجر لنا الركائب إلى مكة المكرمة بما قسم الله ويأخذ منا في مقابلة خدمته وسكن منزله أجراً مناسباً وإذا وصلنا إلى مكة المكرمة قابلنا ذلك الشيخ وأتباعه وهيأوا لنا منزلاً تُحمل أمتعتنا إليه واستضافونا يوم دخولنا ويأخذون من كل واحد منا حق الضيافة ريالاً ونصف ويخدموننا مدة لبثنا بمكة المكرمة فيما نحتاج إليه، ثم يذهب بنا الشيخ إلى المدينة المنورة بنفسه أو وكيله ويقوم بخدمتنا نظير أجر يتقاضاه منا كما أنه يقوم بكري الجمال اللازمة ولا يزال على ذلك إلى أن نرجع إلى مكة المكرمة على أحسن حال، ثم يذهب بنا إلى عرفات ويجهز لنا الطعام والخيام بلوازمها ويطعمنا يوم عرفة وأيام منى ويأخذ على كل شخص منا ريالين للطعام والخيام والخدمة والمنزل في منى أيضًا، ثم بعد أداء المناسك ينزل بنا بنفسه أو وكيله إلى جدة وينزلنا إلى الباخرة ويأخذ منا صاحبها باسم (البخشيش) بضعة ريالات، ويبقى الأمر على هذا»، انتهى التقرير.
ونحن نعيش الخدمات التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لمدن الحج والعمرة في وقتنا الحاضر، والتي مكنت الحجاج من أداء حجهم ونسكهم بكل يسر وأمن وسهولة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يحمى بلادنا الغالية -بلاد الحرمين- المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
