Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

أنماط التفكير المشتركة للأصوليين

A A
من بين الباحثين الذين اهتموا بدراسة التفكير الجماعي Group Think للأصوليين البروفيسور سكوت أبل بي الحائز على درجة الدكتوراة في تاريخ الديانات من جامعة شيكاغو.. ويمكن تلخيص هذه الصفات المشتركة على النحو التالي:

أولاً: أن جميع الأصوليات في العالم تواجه مشكلة الموازنة بين الحفاظ على العادات والتقاليد والمعتقدات القديمة وبين مواجهة الواقع المعاصر والتأقلم مع مستجدات التغيير في العالم.

ثانياً: يسيطر على الأصوليين هاجس وجود عدو دائم يتربص بهم ويحيك ضدهم المؤامرات وأن هذا العدو يسعى إلى طمس هويتهم المميزة ويعرضهم للفساد الأخلاقي والاجتماعي.

ثالثاً: السعي إلى المحافظة على الهوية المستقلة، حيث يحاول أتباع كل مذهب أصولي الزعم أن لهم هوية مميزة وأفكاراً تميزهم عن غيرهم، ولذلك يستخدمون إستراتيجية «التخويف من العدو المشترك» لأجل تجميع الناس حولهم وتنبيههم إلى الخطر المحيط بهم وبيان وسائل الحيطة والحذر اللازمة لمواجهته، وبهذا يخلق أفراد كل مجموعة أصولية هوية جماعية مستقلة لأنفسهم لأجل تمييزهم عمن لا يشاركهم نفس التوجهات والقناعات.

رابعاً: تعزل المجموعة الأصولية نفسها عن الآخرين الذين لا يشاركونهم نفس الأفكار والمبادئ، لأجل بناء الهوية المستقلة لها، وهذا العزل قد يكون مادياً من خلال الابتعاد عن المختلفين عنهم، وقد يكون عزلاً فكرياً يتمثل في مقاطعة الأفكار والأيدولوجيات التي لا توافق توجهاتهم وتطلعاتهم.. وفي هذه المرحلة يوضح هؤلاء الأصوليون للآخرين أنهم أصحاب رسالة متميزة وأن الذين لا يتفقون معهم هم من الخارجين عن الدين الذين يستحقون الاستعداء والتشويه.

خامساً: استغلال «عزل» هؤلاء الأنصار عن بقية المجتمع وحقنهم بالأفكار والتوجهات التي تجعلهم يتصورون هذا العالم من منظورهم الفلسفي الخاص، ويتوهمون أنهم «صفوة مختارة» قادرة على إصلاح هذا الكون وحل جميع مشاكله.. ولهذه الجماعات مؤتمراتها وندواتها الخاصة التي تساعد على ترسيخ هذه المفاهيم وتعميقها في نفوسهم الأمر الذي يجعلهم يرفضون أي أفكار إبداعية جديدة لكونها «دخيلة وغريبة» ولا تتناسب مع الفلسفة التي يعتنقونها، وربما يتوهمون أن تلك الأفكار المعاصرة تشكل خطراً على هويتهم المميزة.. وهذه العزلة عن باقي المجتمع تجعلهم يعيشون في برج المثاليات الوهمي، والحلول النظرية التي يقدمونها لحل مشاكل مجتمعاتهم لا تتسم بالعقلانية المبنية على فهم الواقع وتعقيداته.

سادساً: هذا الانعزال يجعل تلك المجموعات تخلق لنفسها حواجز نفسية وحدوداً أيدولوجية تحميها من المجموعات الأخرى التي لا تشاركها نفس الأفكار والتوجهات، وبذلك يبرمج قادة تلك الجماعات عقول أتباعهم بطريقة تجعلهم تابعين مطيعين يسهل التحكم فيهم والتأثير عليهم بسهولة، ونلاحظ أن قادة تلك الجماعات يقومون بشحن أفكار أتباعهم بتوجهاتهم المتطرفة ويستخدمونهم كمطية لتحقيق أهدافهم، وهذا الاستسلام لقادة هذه الجماعات تجعلهم يقبلون كل ما يصدر عنهم من تعليمات على أنها حقائق ثابتة لا تقبل النقاش الأمر الذي يوقعهم في المهالك.

سابعاً: تستغل الأصولية الأزمات لتفسرها من وجهة نظرها وتلوم الأتباع على عدم تمسكهم بالتعليمات التي يرونها وتولد لديهم الشعور بالذنب بدون تحليل منطقي للمشاكل.

ثامناً: تبرر تلك الجماعات اللجوء الى العنف والعدوان على الآخرين وإن كانوا من أبناء جلدتها، طالما أنهم لا يشاركونها القناعات، وتنزع عنهم صفة الإنسانية وهذه أخطر مرحلة حيث تبرر استخدام القتل وسفك الدماء والعنف ضد أعدائها، وغالباً يكون الأتباع السذج هم الضحايا لأن القادة الكبار يظلون بعيداً عن المخاطر ويحركون أتباعهم في الخفاء من خلال الخطب والمحاضرات والتعليمات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store