Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الداخلية تواصل رحلة النجاح.. والتصدي للإرهابيين

A A
في إنجاز جديد يؤكد يقظة الأجهزة الأمنية السعودية، استطاعت السلطات المختصة تصفية المطلوب الهالك عبدالله بن زايد البكري الشهري، الذي أقدم على الانتحار بتفجير حزام ناسف كان يرتديه بعد تضييق الخناق عليه في مدينة جدة، متسبباً في إصابة بعض الأبرياء من رجال الأمن؛ الذين وهبوا أنفسهم فداءً لهذه البلاد الطاهرة، وأقسموا على حماية مواطنيها والمقيمين على أرضها ضد كل من ارتضى الخيانة والعمالة، وباع نفسه للشيطان بثمنٍ بخس، دراهم معدودة.

أتت تلك العملية في ظل انحسار واضح للعمليات الإرهابية منذ سنوات عدة، نتيجة للضربات الاستباقية الموجعة التي وجهها عناصر الداخلية والأمن للمتطرفين، فاستأصلوا قوتهم، وأرغموهم على العودة إلى جحورهم التي كانوا فيها، وخلَّصوا البلاد من شرورهم. لكن ورغم ذلك فإن حالة الهدوء والسلم التي تعيشها بلادنا بحمد الله لم تدفع رجال الأمن الميامين للركون والغفلة، بل استمروا في يقظتهم يرصدون بعض فلول العنف والإرهاب؛ من الذين حاولوا التخفي والتواري عن الأنظار، ولكن هيهات، فعيون رجال الداخلية ترقبهم وتترصدهم، وسوف تصل إليهم حتى وإن احتاج الأمر لبعض الوقت. ويثبت هذا النجاح بياناً بالعمل أن من تولوا حماية هذه البلاد وصيانة أمنها وضمان سلامة أهلها وسكانها قادرون على القيام بهذه المهمة الجليلة، ومع الانتصارات المتلاحقة التي حققوها خلال الفترة الماضية؛ والتي أشادت بها معظم دول العالم، إلا أنهم لا زالوا يواصلون حملاتهم المباركة لاجتثاث هذا الشر الذي ابتليت به البشرية في هذا الزمان، فلا مكان بيننا لمن يحاول الاعتداء على الأرواح المستأمنة، أو الدماء المعصومة.

وتحضرني في هذه المناسبة الكلمات الواضحة التي قالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما أكد أن المملكة «ستضرب بيدٍ من حديد كل من يستهدف عقول الشباب، وستجتث الإرهاب، طال الزمن أم قصر». وهي كلمات يضعها عناصر الداخلية أمامهم نبراساً لما ينبغي عمله، ويدركون أن المصلحة العليا تستوجب تطبيقها على أرض الواقع بكل دقة.

الملفت في الحرب المباركة التي تقودها السعودية على مكامن الشر والتطرف؛ أنها تستند على إستراتيجية متكاملة تركز على الجوانب الفكرية لتفنيد مزاعم أرباب التطرف والغلو، الذين استهدفوا عقول الشباب وغرروا بهم، بعد أن انتزعوا الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة من سياقها، وأنزلوها على أحداث مغايرة وظروف مختلفة، وفسَّروها بغير معانيها، وضللوا الغافلين الذين اتبعوهم، وأقنعوا بعضهم بقتل رجال الأمن الذين يتولون حمايتنا، بل ووصل الأمر بهم إلى قتل والديهم بدعوى أنهم كفار.

ومع الاهتمام بإظهار الحقائق عبر دعاة وعلماء متخصصين، وغسل أدمغة المغرر بهم، ومنحهم الفرصة للعودة إلى المجتمع من جديد، ما داموا لم يتورطوا فعليا في الاعتداء على الآمنين، فإن الإستراتيجية الأمنية لا تغفل أهمية الجانب الأمني والتعامل الحاسم مع الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء، وولغوا فيها، واعتدوا على المصلين داخل المساجد ودور العبادة، فهؤلاء شياطين في ثياب آدميين لا بد من جلبهم إلى العدالة وإيقاع القصاص العادل بهم؛ تطبيقاً لقوله تعالى: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب».

هذا المزج الفريد في التعامل، يُوضِّح ببساطة أن الهدف ليس هو معاقبة المتورطين والزج بهم في السجون، ولكن الهدف هو التفريق بين مَن تعمَّد الاعتداء على الآمنين، وقام بتضليل غيره، وتحريضه على تلك الأعمال، وبين من وقع ضحية لأشباه الدعاة وأدعياء التدين، الذين استغلوا حماسته الدينية وقلة علمه ومعرفته. فهؤلاء أعدت لهم مراكز فكرية وعلاجية تولت مهمة غسل أدمغتهم من تلك الترهات التي سيطرت عليهم، وبعد ذلك تمت مساعدتهم للعودة إلى حضن المجتمع من جديد كأفراد صالحين.

هذه التجربة الفريدة تؤكد أن وزارة الداخلية بقدر ما تهتم بحفظ أمن الناس وسلامتهم، والتصدي للمعتدين والمجرمين، فإنها تتولى مهمة الأمن الفكري والمجتمعي، وبذلك تفردت على الآخرين في مواجهة الإرهاب، وهو ما دفع العديد من الدول الأوروبية والآسيوية إلى زيارة المملكة، والاطلاع على تجربتها الناجحة، ومحاولة استلهامها وتطبيقها، وهذا أكبر دليل على النجاح والتفرد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store