Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

يا يوم الفراق ما أطولك!!

A A
من يشاهد فيديوهات استغاثات الأطفال على اليوتيوب وهم يُخطفون قسراً أمام أعين والديهم وإخوانهم من قبل موظفي دائرة الشؤون الاجتماعية (السوسيال) بالسويد، يدرك مدى قسوة هذه الأفعال اللاإنسانية.. فالأسرة هي النواة الأولى للإنسان في أي مجتمع.. والمهاجرون إلى السويد انخدعوا بالدعاية المزيفة لهذه البلاد المتشدقة بحقوق الإنسان وحقوق الأطفال وأنها ستوفر لهم حياة كريمة وآمنة.. ويحلم أولئك المهاجرون بتعليم أفضل لأبنائهم بعد أن هربوا من ديارهم التي تعاني من آثار الحروب والنزاعات والظروف الاقتصادية السيئة. إن من يقرأ لغة الجسد لهؤلاء الأطفال المقهورين يقرأ علامات الصدمة والأسى على وجوههم وهم يتشبثون بأمهاتهم أو إخوانهم لحمايتهم من هؤلاء الأشرار الذين دخلوا إلى مكان أسرهم (الملاذ الآمن في الحالات الطبيعية) ليزعموا أنهم تلقوا بلاغ قلق من المدرسة أو من الجيران أو من مصدر مجهول لا يستطيعون الإفصاح عنه.. أما الآباء فهم مصدومون أيضاً كأشخاص مدنيين مسالمين في مجتمع غريب يعاملون فيه بعنصرية ودونية ويسرقون فلذات أكبادهم بدعوى أنهم سيوفرون لهم بيئة أفضل من أسرهم الحالية.

هذه المشاهد اللاإنسانية المرعبة لتدمير أسرة وتشتيت شملها لا يمكن أن تنسى أو تمحى من ذاكرة هؤلاء الأطفال، ومن ذاكرة أهاليهم.. وتزداد المأساة بوضع هؤلاء الأطفال لدى أشخاص غرباء تماماً لا يتكلمون لغتهم ولا ينتمون لدينهم، وثقافتهم وهويتهم.. كما أنهم يتعمدون تفريق الأطفال المختطفين عن بعضهم البعض لكي لا يسمعوا أي شيء عن إخوانهم وينكسرون نفسياً ويستسلمون للواقع المرير الذي يعيشون فيه وتطمس هويتهم وتغير أسمائهم ودينهم وكل ما له صلة بأسرهم الأصلية.. وهناك حالات انتحار وقعت للبعض من هول الصدمة.

أن الوالدين البالغين لا يستطيعون تحمل صدمة أخذ أبنائهم أمام أعينهم، وتأتيهم الكوابيس وهم يسترجعون هذه المشاهد.. إن مثل هذه المشاهد المرعبة تقتل الإنسان عشرات المرات كل يوم فيعيش جسدياً وهو ميت نفسياً، ولنا أن نتخيل آلام الأطفال وهم لا يدركون لماذا لا يأتي آباؤهم لردهم إلى حضن الأسرة.. ويتعرض الأطفال المختطفين للمزيد من الصدمات لدى دور الرعاية والأسر السويدية. إن جميع الأديان السماوية تدعم دور الأسرة في تربية وتنشئة الأطفال بطريقة سوية تتناسب مع القيم والمبادىء التي تتماشى مع الفطرة السوية.

إن البرلمان السويدي الذي سن قانون LVU لرعاية الشباب، الذي ورد فيه «افعل ما هو أفضل للأطفال».. وبموجبه يصبح الطفل سلعة تتاجر بها السوسيال وتستنزف به خزينة الدولة.. وقدر الكاتب السويدي «أوفه سفيدن» في كتابه المشهور «LVU تجارة الأطفال المربحة» والذي صدر سنة 2013 أن أعدادهم بحوالي (28000) طفل، في حين أن الأعداد الفعلية أكبر من ذلك بكثير، ولا توجد شفافية لدى السوسيال لتزودنا بالأرقام الفعلية حتى لا تنفضح جرائمها أمام العالم.

وفي السنوات الأخيرة زاد توحش السوسيال تجاه الأطفال وغالبيتهم من العرب والمسلمين.. بل إن السوسيال صار يلاحق الأطفال الذين أخذهم آباؤهم إلى دول مجاورة هرباً من الخطف ليردوهم للسويد بحيل قانونية (كما وقع للطفلة خديجة بنت سمير الجزائري في فرنسا). إن العدالة الاجتماعية العوراء في السويد ستزيد المشاكل الاجتماعية وستمزق هذا المجتمع الذي يدمر نفسه من خلال ممارسة العنصرية والقهر ضد هذه الأسر، وسيخرج من بين هؤلاء المقهورين أشخاصاً ينتقمون لمعاناتهم مهما طال الزمان، لم تنصف السوسيال أسرة واحدة طالبت باسترداد أطفالها حتى تاريخه، واستمرت في المكابرة وزعمت أنهم يشوهون سمعتها بلا وجه حق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store