Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

مركز سلمان.. يقدم صورتنا المشرقة

A A
فيما تعصف الحروب وحالات عدم الاستقرار الأمني بالعديد من الدول في المنطقة، وتتعرض مجتمعات أخرى لكوارث طبيعية مثل السيول والفيضانات والحرائق، تزداد الحاجة العاجلة للمزيد من المساعدات الإنسانية لمواجهة تلك الظروف التي تلقي بظلالها على ملايين المحرومين، لا سيما فئات الأطفال والنساء وكبار السن؛ الذين يجدون أنفسهم بلا مأوى، يفتقدون إلى الطعام والشراب، والمأوى والعلاج.

وفي ظل الظروف التي يعيشها العالم في الوقت الحالي كنتيجة للأزمة الأوكرانية، التي أحدثت المزيد من الضغوط المعيشية، وتسبَّبت في حالة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع الأسعار، إضافةً إلى حالة التذبذب الكبير في أسعار الوقود والطاقة، كل ذلك ألقى بظلاله الاقتصادية السالبة على المنظمات الدولية التي تعنى بمساعدة اللاجئين والنازحين والمتأثرين من هذه الكوارث والأزمات، فتراجعت الميزانيات المخصّصة لذلك، مما دفع الأمم المتحدة إلى تكرار مناشداتها للدول والهيئات المانحة لمد يد العون للمحتاجين.

ورغم تقاعس العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية، إلا أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ظل يُغرِّد وحيداً في ميدان الخير والعطاء، بل إن ميزانياته ازدادت لدرجة أنه أصبح يُمثِّل نافذة الأمل للمحرومين، وذلك من واقع الدور الكبير الذي يقوم به، والأسلوب المتميز الذي ظل يتّبعه في تقديم المساعدات الإنسانية، والمفاهيم الحديثة التي استحدثها في مسيرة العمل الخيري.

وقد لفت نظري أنباء الجهود العديدة التي يبذلها المركز في الوقت الحالي، وهو يُقدِّم الدعم للمتضررين من السيول والأمطار في السودان وموريتانيا، ويعنى بمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان، ويُقدِّم في ذات الوقت المساعدات الإنسانية لضحايا الأزمة في اليمن، كما تتواصل أعماله في العديد من الدول العربية والإسلامية، يُقدِّم الغذاء والشراب والدواء والكساء، يعين الأرامل والأيتام والمحرومين، يكفكف دموع الصغار، ويزيل هموم الكبار، في تواضع وإنسانية قلَّ أن يوجد نظيرها.

ومن أبرز مزايا المركز، أنه لا يكتفي بمجرد تقديم المساعدات بالصورة التقليدية التي رافقت العمل الخيري منذ سنين طويلة، بل أسهم في استحداث مفاهيم اقتصادية جديدة تقوم على دعم المجتمعات المحلية من خلال نشر شبكة من الوكلاء في كافة الدول المستهدفة بالمعونات، فهذه الشبكة تتيح للمركز حرية الحركة وسرعة الاستجابة للتطورات والمتغيرات، والقدرة على الوصول للمناطق المنكوبة في أقصر مدى زمني ممكن.

كما تسهم في توفير فرص عمل كثيرة لمواطني تلك المجتمعات، مثل العمال الذين يقومون بتغليف المساعدات الإنسانية وتعبئتها وتحميلها وتوزيعها، وغير ذلك من الخدمات اللوجستية الكثيرة التي تستوجب وجود أعداد كبيرة من العمال والمستخدمين، كما أن معظم المواد الغذائية التي يتم توزيعها في الدول المعنية؛ يقوم المركز بشرائها من نفس الدول، وهو ما يؤدي إلى تشجيع التجارة الداخلية، وتحفيز مراكز الإنتاج المحلية على العمل، وهو ما يقود إلى تشجيع عجلة الاقتصاد على الدوران.

هذه الأعمال الإنسانية الرائعة يُقدِّمها المركز دون أن يربطها بأي أجندة أو اعتبارات سياسية أو مذهبية أو مناطقية، فهي مساعدات إنسانية في المقام الأول، الدافع الوحيد لها هو ما يمليه علينا ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يدعو إلى تقديم العون لكافة الكائنات الحية، إضافةً إلى ما نشأنا عليه في هذه البلاد المباركة من عاداتٍ وتقاليد كريمة، مستمدة من عمقنا العربي الأصيل الذي يُعلِي من قِيَم الكرم والشهامة، والمروءة ومكارم الأخلاق.

لذلك، فإن المركز يستحق بجدارة تلك المكانة المرموقة التي بات يحتلها؛ بعد أن أصبح واجهة مشرقة لمملكة العطاء، وهو يُقدِّم للعالم الصورة الحقيقية لهذه البلاد، التي قامت منذ توحيدها على قِيَم راسخة، ومبادئ سامية من حب الخير، والرغبة في تقديم المعروف. ولذلك لم يكن غريباً أن تتبوأ المملكة في هذا العصر الزاهر مرتبة متقدمة في قائمة أكثر دول العالم تقديماً للمساعدات الإنسانية، وهو ما أقرته الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية العاملة في المجال الإنساني.

هذا التواصل الإنساني الفريد يمنح بلادنا سمعة حسنة، ويضعها في المكانة التي تستحقها، ويُقدِّم صورتها الزاهية للعالم أجمع، ويُرسِّخ محبّتها في قلوب ما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم، موزّعين على كافة قارات العالم، فهؤلاء ينظرون إليها على أنها الدولة الرائدة التي ترعى مصالح المسلمين في جميع أنحاء العالم، تزرع الفرح في نفوس البؤساء، وترسم البسمة على شفاه المحرومين، لدوافع إنسانية بحتة، لا تشوبها اعتبارات سياسية أو دينية أو عرقية، وبذلك تُعبِّر أصدق تعبير عن حقيقة إنسان هذه البلاد، الذي تملؤه الرحمة والشفقة والرغبة في إسعاد الآخرين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store