Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

أهمية التطوير والتدريب للقوة الناعمة

A A
تحدثت في مقالٍ سابق عن أهمية تأسيس مركز تفكير ودراسات متخصص لدعم المجهودات الضخمة وغير المسبوقة؛ التي تشهدها المملكة لتوظيف كنوز قوتها الناعمة، مؤكداً على حقيقة أن حقل الدبلوماسية العامة لا زال يشهد كثيراً من التغيُّرات والتطوُّرات المستمرة، ومن ثم، فإن ممارسته ينبغي أن تقوم على أسس علمية ووفق دراسات وبحوث وخطط للتطوير والتدريب المستمر، ومعايير لتقييم الأداء واستشراف المستقبل، وليس مجرد اجتهادات فردية وإنفاق على الفعاليات مهما بلغت كثافتها، وحجم الترويج لها داخليا وخارجيا.

فالدبلوماسية العامة -كما هو معروف- تتضمن استراتيجيات وأنشطة تهدف للتأثير على كل من الرأي العام الداخلي والخارجي، والوصول إلى فهم ومعرفة للكيفية التي ينظرون بها للسياسة الخارجية للبلد، ومن ثم العمل على إعادة تشكيل تلك النظرة بما يخدم المصالح الوطنية.. وتسعى هذه المجهودات إلى تأسيس حوارات إيجابية تعزز الفهم المشترك، وتقدم صورة إيجابية عن البلد وسياساته الخارجية.

من أجل ذلك، ولكي يتمكن مسؤولي وممارسي هذه الدبلوماسية من تحقيق تلك الأهداف، فإنهم بحاجة إلى أن تكون لديهم معرفة كافية بماهية القوة الناعمة، وكافة المفاهيم الأخرى المرتبطة بها. إضافة إلى امتلاكهم لمزيج من المعارف الأخرى ذات العلاقة، والتي تشمل الثقافة والإعلام والسياسة الخارجية. وكل ذلك يتطلب -بطبيعة الحال- اهتماما جادا بتدريب أولئك المسؤولين والممارسين، بشكل يضمن تحقيقهم للأهداف المطلوبة.

وفي واقع الأمر، فإن الدبلوماسية العامة لا زالت تعاني في كثير من دول العالم من عدم الوضوح والضبابية، من حيث المفهوم ومن حيث التعامل معها كمهنة مستقلة واضحة المعالم، وبالتالي تحديد واعتماد برامج التدريب المناسبة لها. وهناك عدد قليل نسبياً من الحكومات بدأ فعلا في النظر إلى الواقع الجديد، والحاجة إلى إعداد دبلوماسييهم للقيام بدور أساسي لمهمة التسويق للبلد والتعريف بثقافتها وفنونها وتراثها وحضارتها وإنجازاتها المختلفة.

ففي الهند مثلا يقدم المعهد الهندي للدراسات الخارجية برنامج من ثلاثة محاور، تعمل على تزويد الدبلوماسيين الهنود بشكل فاعل بالمهارات اللازمة للدبلوماسية العامة. وتشمل هذه المحاور:

1. ‏مهارات التواصل: التحدث والكتابة، والإلقاء العام.

2. مواد مكثفة حول الإعلام والعمل البرلماني، ويشمل ذلك الزيارات وإعارة ميدانية للمؤسسات الإعلامية والبرلمانية.

3. إرسال المتدربين إلى مجلس العلاقات الثقافية الهندي لتعريفهم بالثقافة الهندية، وتدريبهم على مهارات إدارة التبادل الثقافي، وتاريخ الدبلوماسية التقليدية الهندية كما تضمنتها كتب ‏التاريخ، بحيث تكون القيم الهندية جزءا من عملهم الدبلوماسي.

‏‏وفي الولايات المتحدة الأمريكية، هناك اهتمام واضح بالتدريب على أسس ومهارات توظيف القوة الناعمة، حيث يقدم معهد الشؤون الخارجية (FSI) - ‏التابع لوزارة الخارجية 13 - مجموعة مختلفة من برامج التدريب على الدبلوماسية العامة، تتراوح مددها ما بين يوم واحد إلى ثمانية أسابيع. أما في كندا، فيقدم المعهد الكندي للشؤون الخارجية (CFSI) مجموعات مختلفة من المواد تشمل أنشطة الدعم السياسي، وتسويق الدول، والإعلام والثقافة.

وهناك تجارب دولية أخرى عديدة يمكننا الاستفادة منها لتحويل أنشطة توظيف قوتنا الناعمة إلى عمل مؤسسي متطور، ومن ثم بناء النموذج الخاص بنا بهذا الشأن علميا ومهنيا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store