Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

برج الميزان فاتحة الخير والأمان

A A
أيَّام قليلة، ونودِّع فصل الصيف الذي حلَّ علينا هذا العام بدرجات حرارة غير مسبوقة، نجم عنها إشعال الحرائق في الغابات والأحراش في القارة الأوروبية والأمريكيتين كما شاهدناه على شاشات الفضائيَّات ومواقع التواصل الاجتماعي، والنيران تأتي على الأخضر واليابس من النباتات ومصادر الغذاء، وعلى مساحات شاسعة من الغابات التي تطلق أشجارها الأوكسجين، وتساعد على تقليل الملوِّثات كثاني أكسيد الكربون والغبار، وانخفاض درجة حرارة الهواء.

نقترب اليوم من شهر أيلول سبتمبر الذي كانت تصفه جدَّتي -يرحمها الله- بالشهر مبلول الذيل، ترقُّبًا لهطول الغيث في آخر أيَّامه، لتنبت التربة بساطها الأخضر، ونضارة زرعها ونباتاتها.. ويغري عشَّاق الطبيعة لترك الغرف المغلقة أبوابها طوال فصل الصيف اتِّقاء الحرِّ، والخروج إلى الحقول والمروج حيث الهواء العليل ودرجات الحرارة المعتدلة.

وبعد طول غياب، يتسامر الأهل والأصحاب فوق بساط أخضر تزِّينه الورود والرياحين، وعليه أطباق الفاكهة والطيِّبات على سماع أعذب الألحان.. يقضون معًا أوقاتًا ممتعة بصحبَّة طيبة.. وهكذا يودَّعون عزلة استمرَّت شهورًا.. وليبدأوا سنة جديدة مع دخول برج المیزان الممتدَّة أيَّامه من الثالث والعشرين من شهر سبتمبر إلى الثالث والعشرين من شهر أكتوبر الذي يتميَّز بأنَّه فاتحة برج الميزان الذي اختاره الملك المؤسِّس عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- لإعلان قيام المملكة العربيَّة السعوديَّة بعد أن استتبَّ الأمن، وعمَّ الأمان في أرجاء المملكة كافَّة، وقضى على قطَّاع الطرق واللصوص ومرتزقة الطائفيَّة والمذهبيَّة الذين كانوا يدينون بالولاء لقوًى طامعة بالسلطة والتسلُّط، رافعًا -يرحمه الله- علم الشهادتين: (لا إٍلَه إلَّا الله، محمَّد رسول الله)، وبهما يلخِّص برنامج حكمه البلاد التي كانت أوصالها مقطَّعة، وولاء سكَّانها موزَّعًا.. ومن أوَّل أيَّام برج الميزان، بدأ حكم الله بشرعه وبما جاء في السنَّة الشريفة.. وأنَّ الحكم لله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق الذي أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والعدوان.. واستمرَّ علم التوحيد، وما يزال يرفرف عاليًا في سماء الوطن الذي تآخى مواطنوه على تعدُّد عروقهم وأصولهم. وها نحن شعب موحَّد وقد لمَُّ شمله، نحتفل بهذا اليوم تحت سقف واحد منذ ما يقرب القرن من الزمن.

مدَّة قياسيَّة في عمر الوحدة والتعايش، تفوَّقت بها مملكتنا على دول وشعوب همُ قادتها ومفكِّروها بثِّ الروح القوميَّة والعنصريَّة المقيتة في دول الجوار.

رحم الله الملك المؤسِّس، وحفظ ولاة أمرنا، ووفَّقهم لما فيه الخير والصلاح.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store