العنف الضاحك

عندما تمارس أمة ما الضحك عن طريق التندر بالأعراق المختلفة ، فتأكد من أن تلك الأمة تعاني مرضا يستدعي العلاج .اختلاف الأشكال والثقافات والمعتقدات لا تشكل مادة للتندر إلا بالنسبة للعنصريين . والعنصري إنسان لا يعرف كيف يضحك أو يلهو أو يمرح ، لأنه عدواني بطبعه . العنصري يمارس العنف المباشر وغير المباشر .. وتأليف ورواية النكات التي تسخر من الآخرين وتنظر إليهم بفوقية ، هي في الواقع آلية نفسية لممارسة العنف غير المباشر .. أما الهدف من هذه الممارسة فهو اثبات التفوق والأفضلية ، وأحيانا العصمة ، للذات .. وهو ما يتطلب وجود الآخر المحمّل بشتى أنواع الرذائل والنقائص ، باعتباره نقيضا موضوعيا للذات أو الأنا . النكات العنصرية هي نوع من ممارسة العنف عن طريق الضحك . والتجاوب مع مثل هذا النوع من النكات ليس إلا مؤشرا على مدى تشبع المجتمع بالقيم التي تبشر بها الأيديولوجيات العنصرية والعقد الشوفينية .معظم مواقع الإنترنت العربية التي تتداول النكات وتنشرها ، تحتوي على ألفاظ وصور وأفكار يعاقب عليها قانون مكافحة العنصرية في حال وجوده . والغريب أن هذه النوعية من النكات هي التي تلاقي رواجا عاليا بين مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية . بالتأكيد أنا لا أتحدث هنا عن النكتة القائمة على نشوء المفارقات المضحكة التي تنتج عن الاحتكاك المباشر بين أبناء الأعراق والثقافات المختلفة . أنا أتحدث هنا عن النكت المهينة التي تهزأ من ألوان بعض البشر ، ومن مواصفاتهم الشكلية . كما إنني أتحدث عن تلك النكات التي تتضمن أحكاما تعميمية تخص شعوبا محددة أو أديانا معينة ، بغض النظر عن طبيعة هذه الأحكام التي قد تكون في بعض الأحيان أخلاقية ، وتكون في أحيان أخرى انعكاسا لرؤية فكرية تتضمن تقييما فوقيا لخصال الشعوب النفسية منها والعقلية . إن ممارسة العنف اللفظي لا تقل خطورة عن ممارسة العنف البدني أو المادي . العنف اللفظي يمتلك القدرة على إعداد البيئة المثالية لتقبل العنف كمبدأ . ولعل أخطر أنواع ممارسات العنف اللفظي ، هي تلك التي يمكن أن نطلق عليها ( العنف الضاحك ) نظرا لجاذبيتها وعدم مباشرتها ، مما يمنحها الفرصة للتغلغل في اللاشعور الجمعي .الضحك يساوي أحيانا وقع السياط . anaszahid@hotmail.com