Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

أطفال عليهم شوارب رجال!

A A
شخصية الإنسان تعكس خلفيته وتراكمات ماضيه منذ أن ولد حتى الساعة يعيش فيها.

كتبت منذ سنوات مقالاً في صحيفة عكاظ كان عنوانه «الإدارة بالأقزام» وأوضحت أن هذا التقزم الذي أعنيه ليس تقزمًا في الهيئة الجسمانية وإنما هو تقزم في الفكر والمنطق وهذا بدوره يقود إلى أفعال غير مدروسة تتناسب مع عقلية أولئك الأقزام الذين يشعرون بالنقص ويريدون أن يتمظهروا بأنهم كبارًا وحكماء ويمتلكون رجاحة العقل والوصفات السحرية لحل أعقد المشاكل الإدارية.. واليوم أتذكر مقالاً قديمًا قرأته منذ سنوات للأديب المصري الراحل «مصطفى أمين» كان يتحدث فيه عن «أطفال وعليهم شوارب رجال».

كانوا يتظاهرون أنهم كبار، بعضهم كان في مناصب عالية بينهم وزراء وبرلمانيون وكبار البيروقراطيين.

كانت أجسادهم ضخمة -أجسام البغال وأحلام العصافير- وشواربهم توحي بأنهم رجالٌ بالغون وراشدون، ولكن الشوارب لوحدها لا تهب صاحبها النضج ولا تخدع من عنده فراسة في تحليل ومعرفة الناس، يقول مصطفى أمين: إنه من خلال فراسته وتجاربه مع الناس كان لا ينخدع بهذه النوعية لأنه يراهم أطفالاً صغارًا، ولم يكن يهابهم لأنه قادر على تشخيص أحجامهم الحقيقية.. كانت الأقنعة التي يلبسونها وفنون التمثيل التي يجيدونها تخدع الكثيرين في مجتمعاتهم ولكنها لم تخدع هذا الكاتب لأن هذا النوع ينكشف من خلال أفعاله وتصرفاته.

وفي نفس الوقت إن هذا النوع يجب ألا نستهين بهم لأن تصرفاتهم عشوائية مثل الطفل الذي يفرح أو يغضب بسرعة وتصدر عنه ردود أفعال غير متزنة لا يدرك عواقبها بسرعة.

وللأسف إن هناك بعض البيروقراطيين الذين يشكلون تحالفات مصالح وشبكات علاقات شخصية مع من هم على شاكلتهم لكي يسيطروا على موارد المنظمة ويحققوا مكاسبهم الشخصية ويتصوروا أن حيلهم انطلت على الآخرين وأنهم أكثر ذكاء ممن حولهم.. ومع مرور الوقت يتسببون في فوضى إدارية وانحدار للمنظمة يقودها للهاوية، ويصيبوها بالأمراض التنظيمية المعقدة والمزمنة، وأيضًا بالتخلف الإداري الذي يصعب إصلاحه بسرعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store