Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

المعلم.. مهمات وملفات

A A
‏في خطوة رائدة قامت وزارة الصحة بإجراء الفحص الاستكشافي لعينات من طلبة المدارس؛ بهدف الكشف المبكر لجملة من المشاكل الصحية عن طريق إجراء عدد من الفحوص الطبية أولها كان: فحص اللياقة الطبية لطلاب الصف الأول الابتدائي، والتأكد من سلامة الطالب من الإعاقة الجسدية أو العقلية، والثاني الفحص الاستكشافي لطلبة المدارس في المراحل الأخرى، بهدف متابعة مؤشرات صحية معينة. ‏وللأسف، فقد كشفت الفحوصات ثمانية مشاكل صحية تعاني منها العينات - حسب صحيفة مكة، الأربعاء ٤ صفر ١٤٤٤هـ - وهي الإعاقات السمعية، والبصرية، والعقلية، والبدنية، والأمراض المزمنة والمعدية، ونقص التطعيمات الأساسية ومشاكل النطق، وضعف البصر والسمع، ومشاكل الوزن والسمنة، والنحافة، واعوجاج السلسلة الفقارية، وتسوُّس الأسنان، ومشكلات نفسية مثل: اضطرابات فرط الحركة، وتشتت الانتباه.

وحقيقةً، فمثل هذه النتيجة تستدعي القلق على مستقبل الجيل، وضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية من وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الصحة؛ فإن فحص اللياقة يتم حسب تسجيل ولي الأمر الطالب له في برنامج (صحتي) في أقرب مركز صحي له، في حين أن الحاجة ماسة لتوعية أولياء أمور جميع الطلبة لإجراء هذا الفحص المبكر، ولا تكون العملية اختيارية؛ فكثير من أولياء الأمور -للأسف بسبب انشغالهم- لا يكترثون بمثل هذه الفحوصات، وبالتالي تتراكم المشكلات الصحية عند الطلاب وتتفاقم في حالة عدم علاجها في الوقت المناسب؛ وبالتالي تؤثر على المستوى التعليمي للطالب.

بل ضرورة متابعة كل حالة دورياً في العلاج المناسب لقياس مدى التحسن أو الاكتشاف المبكر للأمراض، فالمتابعة الدورية والحالة الصحية يجب أن تكون ضمن ملف للطالب الأساسي، وكذلك حالته الاجتماعية؛ فملف الطالب الدراسي الإلكتروني؛ والذي يستعرضه ولي الأمر لمعرفة نشاطات الطالب: مستواه الدراسي، والحضور والغياب، وتقييم الطالب، لا يكفي.. بل لابد من أن يتضمن أيضا حالته الصحية والاجتماعية، وأي مشكلات سلوكية وتصرفات غير واضحة وغير سليمة يقع فيها أثناء اليوم الدراسي، ليتم حل المشكلة بين الأسرة والمدرسة؛ فكثير من الطلاب يعانون من مشكلات اجتماعية مثل انفصال الوالدين ودوامة الطلاق التي يعيشونها، بل الكثير منهم لديهم ظروف قاهرة. لأن بقاء الطالب في دوامة المشكلة يبعده عن التعليم، بل قد يلجأ إلى عالم آخر للهروب من عالمه المؤلم.

وقد أبكاني فيديو أجنبي من طالب يتأخر عن مدرسته صباحا يوميا، مما يجعل المعلم في الحصة الأولى يقوم بضربه بالمسطرة على يديه ونهره، واستمر الوضع كذلك، حتى يكتشف ذلك المعلم بالصدفة؛ حينما كان يقود سيارته، أن ذلك الطالب يدفع عربة أخيه المعاق، ويوصله إلى المدرسة أولاً، ثم يذهب إلى مدرسته في طريق وعرة وصعبة..!! فيدخل الصف متوقعاً ضربه كالعادة، ولكن في هذه المرة وضع المعلم المسطرة في يد الطالب في إشارة لضربه هو، وضم الطالب إلى صدره، اعتذاراً منه على الخطأ الجسيم الذي ارتكبه.

نعم خطأ جسيم أن لا يعرف المعلم الخلفية الاجتماعية ومشكلات الطالب حتى يتعامل معه وفق ظروفه؛ فالفروق الفردية كبيرة بين الطلاب، ومهمة المعلم التعامل مع كل فرد حسب قدراته العقلية والإدراكية والنفسية والاجتماعية؛ لأنه إن لم يفعل ذلك، سيزداد إحساس الطلاب المتعثرين بالفشل والإحباط، وسينخفض مستواهم التعليمي، بينما مهمة المعلم تحفيزهم والأخذ بيدهم.

وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي ملف الطالب الخاص بالإنجاز Port Folio وهو من أهم مؤشرات قياس الإنجاز عند الطالب، وهو ما يجب تدريب الطلاب عليه، ‏لأنه توثيق لنمو الطالب وتقدمه، حيث يتم اختيار المنجزات المتميزة له؛ فهو أداة من أدوات التقويم للطالب، ومن الممكن وضع تجارب الطالب العلمية، والمقالات الأدبية، والقصص أو الشعر أو الرسومات والصور التي تكشف عن معاناته النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

كما يمكن اكتشاف الطلاب الموهوبين وتوجيههم، وتنمية مواهبهم، مع ضرورة اطلاع الوالدين عليه، وهنا تبرز مهارة الطالب في التنظيم والتنسيق والإبداع.

‏مهام وملفات ضرورية يجب أن يتابعها المعلم من أجل أن تُحقِّق العملية التربوية والتعليمية أهدافها، وخلق جيل من المبدعين والمفكرين.. ولكن هل المعلم بأربع وعشرين حصة، وأربعين طالبا في الفصل، قادر على مثل هذا الأداء؟.. سؤال ربما تُجيب عليها عملياً وزارة التعليم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store