Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

دراسات عليا لقوتنا الناعمة

A A
لأسباب عديدة، كانت سعادتي كبيرة ومختلفة خلال محاضرتي الأولى هذا الفصل لمادة «الدبلوماسية العامة» لطلبة الدراسات العليا بكلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز، حيث إنها لم تكن مجرد محاضرة عادية لم أتوقَّف عن تدريس محتواها -في عدة مواقع- على مدى سنوات، ولكن أعداد الطلاب ودرجة تفاعلهم وحماسهم للمادة، وتعدُّد الشُّعَب الدراسية، كانت بالنسبة لي مؤشراً على أن بناء قوتنا الناعمة يسير بخطى سريعة؛ تتكامل فيها العديد من المقومات الضرورية التي لا غنى عنها، ومنها بالتأكيد جانب التعليم والتدريب ذو الأهمية الكبيرة.

فبالرغم من الحداثة النسبية لمجال الدبلوماسية العامة، إلا أن جامعاتنا أبدت اهتماماً سريعاً وكبيراً بها، وذلك بشكل يتناسب مع الخطوات الكثيفة التي تقوم بها كافة الجهات الحكومية المعنية، مثل وزارة الخارجية، ووزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، ووزارة السياحة، ووزارة الرياضة، وهيئة الترفيه، وغيرها، وذلك بهدف توظيف كنوز قوتنا الناعمة المختلفة؛ لتحقيق كل ما من شأنه خدمة مصالح المملكة في مختلف أنحاء العالم.

وبجانب جامعة الملك عبدالعزيز، فإن هذه المادة يتم تدريسها أيضاً في جامعة الملك سعود، وضمن برنامج الدبلوم العالي في الإعلام السياسي بجامعة الإمام محمد بن سعود، كما أنه يتواصل معي باستمرار طلاب وطالبات سعوديون من جامعات غربية عديدة؛ بخصوص رسائل الماجستير أو الدكتوراة التي يعملون عليها، وتتناول مواضيع تتعلق بالدبلوماسية العامة، والقوة الناعمة السعودية.. يضاف إلى كل ذلك اهتمام العديد من الجهات الأخرى بتقديم المادة في شكل دورات تدريبية، وورش عمل، ومحاضرات متخصصة، ومن تلك الجهات مركز سلام للتواصل الحضاري، وجامعة دار الحكمة، وغيرها.

ومن الأمور اللافتة بهذا الصدد، بروز العديد من الأسماء السعودية الشابة المتخصصة؛ والشغوفة بالقوة الناعمة، ومن تلك الأسماء التي تدعو للتفاؤل والاطمئنان حيال مستقبل هذا المجال لدينا، دكتور طلال المغربي، ودكتورة فوزية الحربي، والمبدع فيصل الحويل، وأسماء أخرى عديدة برزت وتألقت بإنتاجها ومحتواها العلمي المتميز. وكنتيجة لكل ذلك، وبعد أن كانت مكتباتنا ومحتوانا الرقمي تئن من قلة المراجع والدراسات المتخصصة في شؤون القوة الناعمة السعودية، فإننا نجد اليوم بأن الحال قد تغيَّر كثيرا للأفضل، رغم أن الحاجة للمزيد لا زالت قائمة.

وختاماً، وكما أشرت في مقالات عديدة سابقة.. فإن نجاح توظيف مصادر القوة الناعمة لا يُقاس بكثافة الفعاليات، ولا بحجم الإنفاق عليها، ولكن بقدرتها على الوصول والتأثير المدروس، وهذا يتطلب بالضرورة أمور منها: العمل المؤسسي، ووجود رؤية شاملة وذكية، ومركز أو مراكز فِكر ودراسات متخصصة، وتعليم وتدريب مستمر ومتطور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store