Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

تزويج الضحية من مغتصبها!

A A
هناك قوانين في بعض البلاد العربية -وبعض الدول في العالم- تثير الجدل من وقت لآخر بسبب آثارها السيئة على الضحية والمجتمع بوجه عام، ومن بينها قانون الزواج بالمغتصب الذي يعد وسيلة قانونية يتجنب من خلالها العقاب والملاحقة القانونية.

ومن ضمن القصص ذات العلاقة قصة أمينة الفيلالي التي تم اغتصابها من شخص بمدينة العرائش بالمغرب وكان عمرها 15 عاماً، ثم تم تزويجها للمغتصب بذريعة الستر عليها، ولم تستطع الاستمرار معه وانتحرت بسم الفئران وكان لقصتها صدى كبير في وسائل الإعلام المختلفة، وقامت جمعيات حقوقية نسائية بالمطالبة بتغيير الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي الذي يعفي المغتصب من المتابعة إذا تزوج بمن اغتصبها أو غرر بها، ولا يجوز متابعته إلا بصدور حكم يبطل الزواج.. واعتبرت بعض الجمعيات النسائية آنذاك أن الطفلة تعرضت لاغتصاب ثلاثي من المغتصب، ومن القانون، ومن التقاليد والعادات التي جعلت أسرتها تضغط عليها لقبول الزواج رغم آثاره المدمرة عليها.

في تونس أثار قرار قضائي سمح لشاب بالزواج من طفلة كان قد واقعها وحملت منه بالزواج منها استناداً الى المادة 227 مكرر من المجلة الجزائية التي تجعل زواج الجاني للضحية يوقف متابعته وآثار المحاكمة، وذكرت المديرية التنفيذية لمركز العدالة للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز: أن القوانين التي تسمح بزواج المغتصب بالضحية تشكل تشوهاً في منظومة العدالة.. ونادراً ما يستمر هذا الزواج وينتهي غالباً بعنف يقع على الضحية... ويفلت الزوج من أي تبعات قانونية.

في العراق قامت وسائل التواصل الاجتماعي بإثارة الجدل حول المادة 398 التي تمنع معاقبة المغتصب عندما يتزوج بضحيته وتوقف تحريك الدعوى ضده والتحقيق بها، وإذا صدر بحقه حكم يتم إيقاف تنفيذه، وفي بعض الأحيان يلجأ بعض الأهالي والعشائر إلى قتل الضحية بدعوى غسل الشرف.. وطالبت بعض الناشطات بتعديل هذا القانون وحماية القاصرات من هذا التوحش ومعاقبة من يقوم بالاغتصاب حتى ولو تزوج من الضحية.. وقالت المحامية وسن العتابي «إن النساء أضعف حلقة اجتماعية وكان يجب على القانون أن يمنع الضغط على الضحايا لا أن يؤسس له إطاراً قانونياً».. وأضافت «أن النساء بين خيارات صعبة من خلال الموافقة على الحياة مع المغتصب كزوجات أو محاكمتهن وفق القوانين العشائرية الجائرة أو تعرضهن لعنف الأهل لكون رفض الزواج يجلب لهم العار أو تتعرض لخيار الموت والتصفية الجسدية لغسل العار».

مما سبق نستنتج أن مثل هذه القوانين الظالمة بحق القاصرات والمرأة عموماً يترتب عليها المزيد من التحايل وانتشار جرائم الاغتصاب في المجتمع وهي بمثابة قتل ثاني لها، وتتجاهل الآثار النفسية التي تصاحب الضحية باقي عمرها، ولا تقدم لها العلاج النفسي الذي تحتاجه لتعود إلى حياتها الطبيعية.

وأتمنى أن تقوم وزارات الشؤون الاجتماعية والتربية والإعلام والجامعات والجمعيات ذات العلاقة بالموضوع بدور إيجابي في معالجة هذه الظاهرة ومنع تجني الأهالي والعشائر على بناتهم لكونهن ضحايا في الأصل، ويحتجن لتوفير الأمان والرعاية والعطف والمساندة للتغلب على آثار الاعتداء عليهن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store