Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

الأسلحة النووية التكتيكية.. قادمة

A A
جرى تفجير الجسر الوحيد الذي يربط الأراضي الروسية بجزيرة القرم يوم احتفال فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، بعيد ميلاده السبعين (الجمعة 7 أكتوبر).

وواصلت أوكرانيا في نفس الوقت الحديث عن انتصارات لها على الجبهات الأوكرانية، واستعادتها لأجزاء من أرضها من المحتل الروسي. ويأمل الأوكرانيون، كما يبدو، أن يؤدي الحديث عن هزائم الجيش الروسي في معركته معهم إلى فقدان الجيش الروسي الثقة بالرئيس فلاديمير بوتين، وانهيار معنوياته. وبالفعل تناقلت الصحف الأوكرانية والغربية أخباراً عن أنه تم إلقاء القبض في روسيا على عدد من قادة الجيش الكبار، وعن أن موسكو تعيش في قبضة أجهزة أمنية عسكرية تتولى تصفية القيادات العسكرية الروسية التي تتمرد على فلاديمير بوتين.

الغرب يُصوِّر الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا بأنها حرب بوتين كشخص، وليس كرئيس لروسيا، وتسعى إلى تصوير بوتين بأنه يشن هذه الحرب بدون تأييد من القادة الروس الآخرين، ولا من الشعب. وهو تصوير غير دقيق، ومن الصعب القبول به. إذ أن الحرب الروسية - الأوكرانية تلاقي دعماً واضحاً من القيادات السياسية والعسكرية الروسية، وإن كان كل هذا ليس مهماً في الوقت الحاضر، لأن ملامح المعركة وأهدافها أصبحت واضحة، ولا تقبل الحلول الوسط. حيث يرى الغرب أن روسيا بنظامها القائم تُشكِّل خطراً على أوروبا وباقي العالم، وأنها عائق في وجه انتشار النظام العالمي الليبرالي الذي يرون أنه يجب أن يسود العالم في أقصر وقت ممكن. وليس من المهم أن يقود روسيا فلاديمير بوتين أو غيره، طالما أن النظام الروسي لا يقوم على قواعد النظام الليبرالي العالمي الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية. لذا ستتواصل المعارك العسكرية بدعم كامل من أمريكا وأوروبا حتى إعلان روسيا قبولها بالهيمنة العالمية للنظام الليبرالي. وهو أمر لن يتم في وقت قريب، ولكن ربما بعد معارك دموية من المنتظر أن لا يكون مسرحها أوكرانيا فحسب، بل رقعة أوروبية أوسع. ولتحقيق الدمار الكبير، مطلوب استخدام أسلحة دمار أكثر وأوسع تأثيراً. وكان الرئيس الروسي قد أشار إلى أنه قد يضطر إلى استخدام السلاح النووي التكتيكي، فيما إذا استمر الضغط العسكري الغربي عليه. ولقي هذا التهديد رد فعل من الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي حذر من استخدامه. إلا أن غياب الحوار وتعطيل دور الأمم المتحدة في حل النزاع الأوكراني - الروسي سوف يؤدي إلى استخدام أكثر أنواع الأسلحة تأثيراً وتدميراً، وستكون الأسلحة النووية التكتيكية جزءاً من هذه الأسلحة، علماً بأن هناك أسلحة نووية تتدرج قوتها ونوعيتها في ترسانة كل من أمريكا وروسيا.

ويمكن الحد من القدرة التدميرية لأي قنبلة نووية بناء على الظروف والمواقع التي يتم استعمالها فيها. ولن يغير هذا من كونها أسوأ الأسلحة التدميرية في ترسانات الدول الكبرى، ويبدو من التصريحات الأمريكية المتعلقة بالأسلحة النووية التكتيكية، أن واشنطن لن تتوانى عن استخدام هذه الأسلحة فيما إذا أقدمت موسكو على ذلك. ولا يتوقع أن يجري تسليم هذه الأسلحة للجيش الأوكراني، وإنما ستجد أمريكا أن عليها أن تحرك الناتو، وهي على رأسها، للرد على روسيا بالشكل المناسب. وستكون دول أوروبا الشرقية المحيطة بروسيا هي الأرض المناسبة لتوسُّع الحرب الدائرة الآن.

والسؤال القائم، الذي سيكون أكثر إلحاحاً في المستقبل: ما هو الدور الصيني في كل ما يجري؟ هل ستتجاهل الصين ما يحدث في أوروبا وتنتظر النتيجة، أم أنها ستتحرك؟، وكيف؟. الرئيس الصيني يجد نفسه غارقاً في الوقت الحاضر في أمور اجتماعات الحزب الشيوعي الصيني في بكين، وتثبيت قيادته عليه. وسينتهي هذا المؤتمر، وتصدر قراراته خلال بضعة أسابيع. وستجد حينها بكين أن عليها أن تتحرك، إما بالتفاهم مع العملاق الأمريكي والوصول إلى حلول مقبولة لكل منهما، خاصة فيما يتعلق بالتجارة العالمية والهيمنة عليها. أو مواجهة الغرب في استفراده بروسيا بشكل قد يؤدي في نهايته إلى حل.

تعطيل دور الأمم المتحدة فيما يدور الآن من صراع، يجعل التشاؤم هو السائد، لأنه لا يوجد وسيط يمكن إتاحة الفرصة لكل المتصارعين الوصول إلى حلول وسط مقبولة عبره.. وقد تجد دول العالم الثالث، ونحن منهم، أن هناك دوراً ما يمكن القيام به لإنقاذ العالم من كارثة الحرب العالمية الثالثة، ويتطلب هذا قيام تكتُّل من دول العالم الثالث يُحدِّد لنفسه دوراً، ويستخدم فيه أدوات إقناع كافية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store