Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

جوائز الإبداع.. في الدفاع عن النبي المختار

A A
يأتي شهر ربيع الأول ليُجسِّد في أنفسنا عظمة النبي محمد بن عبدالله؛ الذي اتبعناه واتبعنا سنته وأخلاقه وشمائله، وأحببناه رغم أننا لم نره. هذا النبي العظيم الذي بمولده أشرقت شمس الإسلام، وجاءت رسالته لتزيح ظلمات الجهل، ويخرج البشرية من الظلمات إلى النور.. إنها ذكرى تجعلنا نقف مشدوهين أمام عظمة النبوة المحمدية؛ كيف لا؟ والله سبحانه وتعالى يقول عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، نعم إنه الرحمة المهداة.. ويقول أيضاً: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، نعم نفرح بفضل الله الذي أنزل لنا القرآن الكريم، وبرحمته محمد خاتم أنبيائه. وقد سُئِلَ رسول الله عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ فقالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ). بل قال عليه الصلاة والسلام عن نفسه: «أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر، وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ ولا فخر، ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فخرَ». وذِكر هذه الكرامة على ربِّه ليس تكبراً، بلْ هو في أعْلى دَرَجاتِ التَّواضُعِ، حيث يُفزَعُ إليه في النَّوائبِ والشَّدائدِ.

في يوم مولده العظيم.. تُذكر سيرته النبوية الشريفة لتعليم الأبناء والأجيال الجديدة التمسك بسلوكياته وأخلاقه، بدون أي شركيات أو بدع، بل بأجواء إيمانية واستدعاء لسيرته العطرة، منذ حملت به آمنة بنت وهب، ثم ولادته، ومرضعته السيدة حليمة السعدية، ونشأته، وكيف تربَّى يتيما، ثم نزول الوحي عليه، وصدعه للدعوة، وهجرته للمدينة، واستقبال أهلها له بقصيدة طلع البدر علينا.. كل ذلك برمزية ثقافية ودينية تُبرز عظمة النبي ورسالته.

والحب الذي يفترض أن يتملك المسلم بتذكره وهو مقترن بالعقيدة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ، ووالدِهِ، والناسِ أجمعينَ»، وأهمية إنشاد القصائد في مدحه عليه الصلاة والسلام، حيث يستمع أبناؤنا لها ويعرفون تفاصيل حياته، خاصة بعد دمج المقررات الدراسية واختصارها، أصبح الكثيرون يجهلون سيرته وقيمه وأخلاقه، فمن الجميل أن تُستدعى سيرته الشريفة وعظمته، وتاريخه، والمشاق التي واجهها في سبيل الدعوة، والصبر على الأذى فيها.. حتى نزلت الآية الكريمة: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا».

لقد ولد النبي بمكة وأشرقت شمس الإسلام بها، كما في قوله تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ»، ليكون قبلة المسلمين، وسُنَّت شعائره المقدسة من هذا الوطن الغالي.

بل من رحمة الله لنا أن نزل القرآن بلغتنا «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ».

ونتمنى من معالي وزير التعليم الجديد يوسف البنيان أن يهتم بأن تعود مناهجنا الدراسية كما كانت سابقاً، بكل تفاصيل السيرة النبوية الشريفة، وأن تحمل قيمه، صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه وصفاته، فهو المعلم الأول، وأن تكون هناك مناشط في المدارس والجامعات عن سيرة النبي محمد، وتخصيص جائزة لأفضل قصيدة في مدح الرسول.

وأن تكون نماذج من قصائد حسان بن ثابت في مدحه ضمن المقررات، فمن أجمل ما قال:

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني

وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ

خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيب

كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ

وكذلك قصيدة الأعرابي الذي جاء يزور قبر النبي فأنشد باكياً:

يا خَيْرَ مَنْ دُفنَتْ بِالقَاعِ أَعْظُمُهُ

فَطَابَ مِنْ طِيْبِهِنَّ القَاعُ وَلأَكَمُ

نَفْسِيْ الفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ

فِيْهِ العَفَافُ وَفِيْهِ الجُوْدُ وَالكَرَمُ

ثُمَّ انْصَرَفَ الأَعْرَابِيُّ، فقال عُتْبيُّ: «فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّومِ فَقَالَ: يَا عُتْبيُّ، اِلْحَقِ الأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ».

ونتمنى كذلك أن تقوم وزارة الثقافة بتخصيص جوائز لأفضل منتج ثقافي؛ فيلم، مسرحية، مؤلف، ‏قصيدة، في الدفاع عن النبي محمد؛ فهذه هي القوى الناعمة التي نواجه بها أعداء الدين، ‏فالهجمة الشرسة ضد الإسلام مثل: تصريحات رئيسة حزب بهاراتيا جاناتا، وكذلك ‏الأفلام المسيئة، والرسوم ‏الكاريكاتورية.. وغيرها، ‏تحتاج إلى جيل واعٍ للدفاع عن الدين، ونشر رسالة الإسلام الخالدة، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store