Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

دم الطفل في رقبتكم!!

A A
تهادى صوت والد الطفل حسن، ضحية باص المدرسة، وهو يسرد للمذيع فاجعته كمعزوفة ناي حزينة: «اتصل بي السائق الظهر الساعة 11 وثلث تقريباً، يقول: إن مشرفة المدرسة أبلغته أن حسن ما جاء، فقلت له: كيف ما جاء وهو راكب وياك الصباح» يقول: «حسيت أن صوته مرتبك ومو على بعضه، قال: حسن شفناه بالباص ما يتحرك، قلت: كيف ما يتحرك طاح، قال لا، فخمنت: الله يستر لا يكون نسيه بالباص، قلتله: أجل خذه وده لأقرب مستوصف، قال: لا تعال استلمه، قلتله: كيف استلمه وده، وفعلاً وداه، ولما رحت كان حسن قد فارق الحياة ولاحظت أن أعضاءه متيبسة»!!

لقد أعادتني هذه الحادثة المأساوية لمقالة كتبتها في 15 أكتوبر 2015م عن الطفل عبدالملك الذي توفي اختناقاً بعد أن نسيه السائق داخل باص المدرسة، أبديت من خلالها على استحياء توصيات بديهية تمنع تكرارها، لكن حوادث الأطفال المشابهة تكررت بعد ذلك سنوياً مع نواف وليان وعبدالعزيز، لذا سأكتفي اليوم بتأبين الطفل حسن مردداً قول الشاعر:

«لقد اسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ بالرماد»!

كل ما أوصيت به قبل 7 سنوات هو: أن يحصي سائق الباص أسماء الطلبة، وأن يستعين بمرافقة (دادة)، وأن يتأكد في كل مرة من خلو الحافلة، منوهاً في الوقت ذاته أن إدارة المدرسة لو قامت بواجبها وأخبرت مبكراً والديّ الطفل برسالة أنه (غائب.. ما جاء) لجنبتهم كل هذه الفاجعة، لهذا لا أجد كلاماً أقوله اليوم إلا أن هؤلاء المعنيين لو عاملوا الطفل معاملة شنطة الرسوم المالية لحملوه بيدهم وحفوه برعايتهم وطوقوه بوسائل السلامة سواء أجهزة الإنذار أو كاميرات المراقبة!!

لقد جاءت نهاية ضحية باص المدرسة على يد المتورطين، وكأنه مجرم عتيد وضع بكرسي الإعدام داخل مقصورة الحافلة، ثم حقن بإبرة الحر والخوف ونقص الأكسجين لساعات طويلة، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة!!

أنا اليوم هنا؛ ليس لإبداء توصيات جديدة تهدف لإنقاذ الأرواح البريئة، أنا اليوم هنا؛ لأناشد بمحاكمة المتورطين بوفاة الطفل (حسن) بهذه الطريقة الوحشية، خاصة مع محاولة تضليل الحقيقة، أنا اليوم هنا؛ لأطالب بتوجيه تهمة (القتل الخطأ) بعد توافر عناصره: أن يأتي الجاني فعلاً يؤدي إلى وفاة المجني عليه، أن يثبت أن الفعل خطأ، أن يكون الخطأ القاتل هو السبب بوفاة المقتول، فيسأل عن خطئه دون قتله، أنا اليوم هنا؛ لأطالب بإلزام المدانين بدفع الدية 300 ألف، إضافة لإيقاع العقوبة الجنائية. الغريب أننا لم نقرأ أي إعلان تعزية موجه لوالدي الطفل الضحية، ولم نسمع عن زيارة مواساة على مستوى عالٍ لمنزلهم، ولم ولن نلمس أي قرار استقالة يعكس تحمل المسؤولية ويشعرنا بأن الضحية آدمي من روح ودم وأن المصيبة كارثية!!

نعم قد نفاجأ غداً بخبر: نزولاً عند مساعي الصلح تنازل والدا الطفل الضحية، نعم قد لا تصل الإدانة لسقفها الأعلى وتخفف العقوبة، نعم قد يعود سائق الحافلة لعمله وينقل الأطفال ويعيش حياته، نعم قد تستقبل المديرة والمشرفة الطلبة ويستمروا بجني الرسوم الدراسية، نعم قد تتكرر الحوادث المشابهة، لكن الشيء الأكيد الذي يجب أن تضعوه حلقة بآذانكم وسيظل مدى العمر يطاردكم أن (دم الطفل في رقبتكم)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store