Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

لضبط الممارسات الخاطئة في أيامنا الوطنية

A A
‏أيامنا الوطنية الغالية التي أقرتها الدولة هي: اليوم الوطني 23 سبتمبر، ويوم تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد 23 يناير، ويوم التأسيس 22 فبراير. وهي أيام خُصِّصت لنستلهم فيها أمجاد المؤسسين، والتطور الذي شهدته الدولة حتى أصبحنا نقارع الأمم حضارةً ورقياً، بل وننافس في المراكز الأولى عالمياً في شتى المجالات؛ إذن هي أيام يفترض أن تكون أيام شكر لله على ما منَّ الله به علينا من النعم، امتثالاً لقوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، الكل يبتهج بهذه الأيام ويحتفي بها، على مستوى الأسرة والمؤسسات الثقافية، والفعاليات والمهرجانات الاجتماعية للتعبير عن حب الوطن.

ولكن للأسف، هناك مَن يُعكِّر صفو هذا الاحتفاء بسلوكيات فوضوية - مع أنها محدودة جداً - فيعبث في الأماكن العامة، من رقصٍ في الشوارع، ووضع العلم حول الجسد، بالرغم من تنبيه وزارة التجارة بعدم امتهان العلم، وكل ما يتصل بصور القيادة. بل تتطوَّر السلوكيات إلى اشتباكات بالأيدي بين شباب وفتيات وصراخ!! كما شاهدنا أيضاً بعض مِن كبيرات السن يتصابين بالرقص في الأماكن العامة، وهن اللاتي يفترض أن يكن قدوة حسنة للصغيرات، فإذا بهن يزدن المشهد سوءاً!. فحتما مثل هذه المظاهر - رغم محدوديتها - فإنها مصدر استغلال من أعدائنا؛ الذين ينشرون مثل هذه الفيديوهات للإساءة إلى بلادنا، وطن المقدسات الإسلامية.

وبالرجوع إلى لائحة (المحافظة على الذوق العام)، الصادرة من هيئة الخبراء، والتي نُشرت في ١٩ /٨ /١٤٤٠هـ وجدتُ أن تعريف الذوق العام في المادة الأولى: «هي مجموعة السلوكيات والآداب التي تُعبِّر عن قِيَم المجتمع ومبادئه وهويته، بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم»، وكل تلك التصرفات لا تمتّ للذوق العام بصلة، وهي مخالفة لقِيَم المجتمع وأخلاقه ومبادئه.

ونصت المادة الثانية: «بأن اللائحة تسري على كل مَن يرتاد الأماكن العامة»، وهذه السلوكيات الخاطئة لو عملها الشخص في أماكن خاصة، فهذه حرية شخصية، ولا يُسأَل عنها، أما في الأماكن العامة فهي تَعدٍ على قِيَم وأمن المجتمع؛ وهو ما تُؤكِّد عليه المادة الثالثة التي تنص على: «يجب على كل مَن يكون في مكانٍ عام، احترام القِيَم والعادات والتقاليد، والثقافة السائدة في المملكة». كما تُوضِّح المادة الرابعة: «لا يجوز الظهور في مكانٍ عام بزي أو لباس غير محتشم، وارتداء زي أو لباس يحمل صوراً وأشكالاً وعلامات وعبارات تُسيء للذوق العام». وظهور فيديوهات لفتيات كاشفات عن جزء - ولو صغير - من الصدر والظهر؛ هي إساءة للذوق العام. وتُؤكِّد المادة السادسة على: «أنه لا يُسمح في الأماكن العامة بأي قول أو فعل فيه أذى لمرتاديها، أو إضرار بهم، أو يؤدي إلى إخافتهم، أو تعرّضهم للخطر»، وشاهدنا فيديوهات صراخ ومعاكسات وتحرش بألفاظ نابية، وغيرها من تصرفات خادشة للحياء.

ولكن نحمد الله أننا في هذا الوطن الغالي - الذي جعل حُكَّامه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دستوراً للأمة - لم نترك الحبل على الغارب، وجاءت الضوابط مؤكدة في المادة السابعة: «يُحدِّد وزير الداخلية بالتنسيق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والجهات ذات العلاقة، جهات الضبط الإداري المعنية بتطبيق أحكام اللائحة». ولم تلبث أن أصبحت مخالفة الذوق العام مسندة إلى رجال الشرطة والأمن العام، حيث وضعت وزارة الداخلية اللائحة التنفيذية للأمر السامي الكريم، وتقوم بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتطبيقها، وربط المخالفات بـ(أبشر)، وشرطة البيئة. وناقش مجلس الشورى 45 مخالفة للذوق العام، والعقوبة حسب المخالفة، وتتضمن بعضها السجن خمسة أشهر وغرامة لا تقل عن 300 ريال، ولا تزيد عن 3000 ريال. على أن تضاعف الغرامة إذا ارتكبت للمرة ثانية في نفس العام إلى 6000 ريال، وهذا كله يُطبَّق بحزم على كل مخالف.

كما أن مخالفة الذوق العام - سواء كان عفوياً أو متعمداً - يحتاج إلى توجيه من الأسرة، وكذلك المؤسسات التربوية الأخرى: كالمدرسة والإعلام، وأن تكون هناك برامج ومناشط تُركِّز على جهود الآباء والأجداد.. فهذا الجيل وُلِد وفي فمهِ معلقة من ذهب، لا يُدرك حجم التضحيات من آبائنا وأجدادنا، وأن شربة الماء كانت عصية عليهم، وأكل بعضهم الجراد لعدم وجود الغذاء.. ونحن نعيش اليوم في بحبوحةٍ من العيشِ، وأمان وازدهار.. أفلا نشكر النعم؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store